يعني أنّ الإنسان بحسب الفطرة هو اجتماعي بالطبع والفطرة، وهذه الحالة هي
التي هدته لذلك من أجل تأمين منافعه مع الآخرين، ومنها نشأ ظهور القوانين لهذا
الاجتماع المتشكل من جديد.
وللسيد الطباطبائي كلام واسع جداً ومطول في تفسير
هذه الآية، يقول فيه: «الآية تبين السبب في تشريع أصل الدين وتكليف النوع الإنساني
به، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان: إنّ الإنسان - وهو نوع مفطور على الاجتماع
والتعاون - كان في أول اجتماعه أمّة واحدة ثمّ ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في
اقتناء المزايا الحيوية، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة،
والمشاجرات في لوازم الحياة فألبست القوانين الموضوعة لباس الدين، وشفعت بالتبشير
والانذار: بالثواب والعقاب، وأصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيين، وإرسال
المرسلين، ثمّ اختلفوا في معارف الدين أو أمور المبدء والمعاد، فاختل بذلك أمر
الوحدة الدينية، وظهرت الشعوب والأحزاب، وتبع ذلك الاختلاف في غيره، ولم يكن هذا
الاختلاف الثاني إلا بغياً من الذين أوتوا الكتاب، وظلماً وعتواً منهم بعد ما تبين
لهم أصوله ومعارفه،