قال:
التاسعة من فتنوا بكلام الزهاد وأحاديثهم فى ذم الدنيا فيعيدونها على نحو ما
يحفظونه من كلام حفظوه من غير إحاطة بمعانيها.. فبعضهم بفعل ذلك على المنابر..
وبعضهم فى المحاريب.. وبعضهم فى الأسواق مع الجلساء.. ويظن أنه ناج عند الله..
وأنه مغفور له بحفظه لكلام الزهاد مع خلوه من العمل.. وهؤلاء أشد غرورا ممن كان
قبلهم.
قام
آخر، وقال: ما دمت قد ذكرت بأن الغرور يصيب كل طوائف الخلق.. فهل يصيب أولئك الذين
تفرغوا للعبادة، فصاروا مشهورين بين الخلق بالعبَّاد؟
قال الجيلاني:
ما دام العبَّاد من طوائف الخلق.. وما داموا يتعرضون لوساوس الشياطين.. وما دامت
لهم نفوس أمارة.. فلاشك أن الغرور يصيبهم كما يصيب سائر الناس.
قال
الرجل: فحدثنا عن غرورهم.
قال الجيلاني:
هم على فرق في ذلك.. سأكتفي لكم بعشرة منها.
قالوا:
فما أولها؟
قال:
أولهم من أهملوا الفرائض، واشتغلوا بالنوافل، وربما تعمقوا حتى خرجوا إلى السرف
والعدوان، كالذى تغلب عليه الوسوسة فى الوضوء فيبالغ فيها.. ويقدر الاحتمالات
البعيدة قريبة من النجاسة.. وإذا آل الأمر إلى أكل الحلال قدر الاحتمالات القريبة
بعيدة وربما أكل الحرام المحض..