أما
غرور الفرقة الضالة فلغفلتها عن ضلالتها وظنها بنفسها النجاة.. وهم فرق كثيرة يكفر
بعضهم بعضا.. وإنما ضلوا من حيث أنهم لم يحكموا شروط الأدلة ومناهجها.. فرأوا
الشبه دليلاً.. والدليل شبهة.
وأما
غرور المحقة، فمن حيث أنهم ظنوا أن الجدال هو أهم الأمور وأفضل القربات فى دين
الله تعالى.. وزعموا أنه لا يتم لأحد دينه ما لم يتفحص ويبحث.. وأن من صدق الله
تعالى من غير بحث وتحرير دليل فليس ذلك بمؤمن وليس بكامل ولا بمقرب عند الله، ولم
يلتفتوا إلى القرن الأول.. وأن النبي (ص) شهد
لهم بأنهم على خير ولم يطلب منهم الدليل.
قالوا:
وعينا هذا .. فما السابعة؟
قال:
السابعة من اشتغلوا بالوعظ.. وأعلاهم نية من يتكلم فى أخلاق النفس وصفات القلب..
من الخوف والرجاء.. والصبر والشكر والتوكل.. والزهد واليقين والإخلاص والصدق.. وهم
مغرورون لأنهم يظنون بأنفسهم إذا تكلموا بهذه الصفات.. ودعوا الخلق إليها فقد
اتصفوا بها.. وهم منفكون عنها إلا عن قدر يسير لا ينفك عنه عوام المسلمين..
وغرورهم أساس الغرور لأنهم يعجبون بأنفسهم غاية الإعجاب..
ويظنون
أنهم ما تبحروا فى علم المحبة إلا وهم من الناجين عند الله تعالى وأنهم مغفور لهم
بحفظهم لكلام الزهاد مع خلودهم من العمل وهؤلاء أشد غرورا ممن كان قبلهم لأنهم
يظنون أنهم يحببون فى الله ورسوله.. وما قدروا على تحقيق دقائق الإخلاص إلا وهم
مخلصون ولا وقفوا على خطايا عيوب النفس إلا وهم عنها منزهون.. وكذلك جميع الصفات..