بعد
أن رأيت ما رأيت في جنان العلماء حنت نفسي لأرى جنان العباد.. فطلبت من محمد أن
نسير إليها.. فسار بي، وطلب مني أن أتأدب بين أيديهم حتى لا أشغلهم عما هم فيه من
ألوان العبادة..
كان
أول من استقبلنا شاب يكاد يكون تربا لمحمد.. استقبلنا بقوله: مرحبا بكم في ديار
العباد..
قلت:
من أنت؟
قال:
أنا محمد.. أنا مرشد العباد إلى ديار العُبَّاد.
قلت:
مرحبا بك.. فمن العُبَّاد؟
قال([615]): هم من شغلهم تحصيل زادهم عن أهليهم وأولادهم ، ومال بهم ذكر المآل عن
المال في معادهم، وصاحت بهم الدنيا فما أجابوا شغلا بمرادهم ، وتوسدوا أحزانهم
بدلا عن وسادهم ، واتخذوا الليل مسلكا لجهادهم واجتهادهم ، وحرسوا جوارحهم من
النار عن غيهم