قال الشيخ: وقد حدث الرواة عن الصفة التي كان يركب بها رسول الله (ص) المراكب التي كتب له أن يركبها، والأذكار التي كان يقولها حينها.. ففي الحديث أن رسول الله (ص) كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر حمد الله عز وجل، وسبح، وكبر ثلاثا، ثم قال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعد الأرض، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال)، وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: (آيبون عابدون، لربنا ساجدون)([76])

قال رجل من الجمع: فما سر ذلك؟

قال الشيخ: إن رسول الله (ص) يدعونا إلى التأدب مع الله، ومع خلق الله.. فالمؤمن عندما يركب الدابة لا يركبها، وهو يتصور أن ركوبها وإذلالها بذلك حق له، وإنما يركبها باسم الله، وبتسخير الله.. وكأنه يقول لها بأدب وتواضع: اعذريني أيتها الدابة فأنا لا أركبك بنفسي.. ولكني أركبك لأن الله أذن لي أن أفعل ذلك.. والله شكور حليم، وسيجزيك عن توطئة ظهرك لي خير الجزاء.

قال رجل من الجمع: لقد ذكرت أن أول ما يفعله (ص) عند ركوبه هو التسبيح والتكبير..

قال الشيخ: نعم.. فلا خير في عمل لا يصحبه التسبيح والتكبير.. ولم يكن (ص) يكتفي بتلك التسبيحات والتكبيرات، بل كان يشغل لسانه في كل سفره بذلك.. وقد روي في الحديث أن النبي (ص) وجيوشه كانوا (إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سجدوا فوضعت الصلاة على هذا)([77])

وحدث أنس قال: كان رسول الله (ص) إذا علا نشزا من الأرض يقول: (اللهم لك الشرف على كل شرف، ولك الحمد على كل حال)([78])

قال رجل من الجمع: إن المسافر قد يتعرض للمخاوف في سفره.. فهل أثر عن

[76] رواه أحمد، والبخاري ومسلم.

[77] رواه الترمذي.

[78] رواه أبو يعلى برجال ثقات.