بصوت عذب
جميل (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)
قال لي جعفر: إن هؤلاء
يستنون في هذا بما ورد في الحديث من أن رجلا جاء إلى النبي (ص)، فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، قال:
(أما لو قلت حين أمسيت (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) لم تضرك)([57])
قلت: أهذا كذاك؟
قال: هو مثله.. وهو لا
يعني ـ عند السالكين ـ الذين لا يطلبون من الله إلا الله إلا تربية قلوبهم على
اللجوء إلى الله، فالله الذي خلق الخلق هو الحصن الحصين الذي لا يجد المتحصنون
حصنا أوثق منه.
قال: هم يحترزون بما أمروا
أن يحترزوا به.. وهم واثقون من أن أوثق حرز هو ما علمهم إياه أعرف العارفين بالله.
قلت: ألا يمكن أن يؤدي هذا
إلى التساهل في التحصن؟
قال: لا.. بل إن العارفين
يفهمون من هذا إرشادا إلى التحصن.
قلت: كيف فهموا ذلك؟
قال: إن النبي (ص) في الحديث يخبرنا أن من خلق الله من يريد الشر بخلق الله.. وفي
ذلك تمام التحذير.. لأن من يردد هذه الصيغة صباح مساء سيمتلئ بمعناها، وسيعيش به..
بعدها انتقل الجمع يقرأ
يصوت عذب حنون سور الإخلاص والفلق والناس، فسألت جعفرا عن ذلك، فقال: إن هؤلاء
يطبقون سنة من سنن رسول الله (ص).. فعن عبد الله
بن خبيب قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة، نطلب رسول الله (ص) ليصلي لنا، فأدركته، فقال: قل.. فلم أقل شيئا، ثم قال: قل..
فلم أقل شيئا، ثم قال: قل.. قلت: يا رسول الله! ما أقول؟ قال: قل:﴿ قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث
[57] رواه مسلم، وفي رواية للترمذي: (من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعود
بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة)، والحمة: لدغة كل ذي
سم كالعقرب ونحوها.