عنه ما
يسمعون منه أو يرون من تصرفاته؛ فما ظنكم به بعد ذلك؛ هل يُخفي عن التاريخ وجه من
وجوه حياته أو ناحية من نواحيها؟!
وهؤلاء جميعا لم يكتفوا
بما يرتبط بمحمد من النواحي الرسالية.. بل راحوا يذكرون كل التفاصيل المرتبطة بأدق
شؤونه الخاصة..
أذكر أني لقيت في فرنسا
مستشرقا اسمه ماسنيون.. لعلكم تعرفونه.. لقد قال لي: (يكفي لتعرف أوربا محاسن محمد
ومحامده أن يُنقَل كتاب (الشِّفا) للقاضي عياض إلَى إحدى اللغات الأوربية)
لم أكتف بما قرأت.. بل رحت
أبحث وأدقق فيما ورد.. وقد أخرجت كتابا ضخما في هذه التفاصيل الكثيرة المرتبطة
بمحمد.. ذكرت فيه خُلُقه وحِليته، وخاتم النبوة، وشَعْره، ومشيته، وكلامه وضحكه
وتبسمه، ولباسه، وخاتمة، ومِغْفره، ودِرعه، وطعامه، وصفة أكله، وسنن طعامه،
وشارته، واللون المحبب إليه، واللون الَّذِي كان يرغب عنه، وتعطره، وحبه للنظافة
والطهارة، وركوبه.
وذكرتُ في أشغاله: ما كان
يعمله في نهاره من الصباح إلَى المساء، ثم نومه، وتهجده، ووظائفه في الصلوات،
وأسلوب خُطبته، وأعماله في السَّفَر، وأعماله في الجهاد، وسنته في عيادة المرضى،
وتعزيته أهل الميت، وسنته في لقاء الناس، وعامة أشغاله.
وذكرتُ عن مجلسه مجالس
الإرشاد، وآداب المجلس، وأوقات جلوسه مع الناس، ومجالسه الخاصة بالنساء، وطريقة
هديه وإرشاده، ولقاؤه الناس بالبشاشة والبِّشْر، وتأثير صحبته فيمن يصحبه وأسلوب
كلامه معهم، وأنواع خُطبه وأثرها في السامعين.
ومن العناوين الَّتِي وردت
فيما ذكرتُه عن عبادته: دعاؤه، صلاته، صومه، زكاته وصدقاته، حَجه، مداومته ذكر
الله، ذكره الله ـ عَزَّ وجَلَّ ـ في مواقف القتال، خشيته من الله، بكاؤه، محبته
لله، توكله عليه، صبره، شكره لمُفيض النِّعَم ـ جل جلاله ـ.
ومما جاء فيه عن أخلاقه
أخلاقه بالتفصيل، مواظبته علَى العمل، مكارم أخلاقه، حُسن معاملته للناس، عدله،
جوده وكرمه، إيثاره، ضيافته وقِراه، كراهته سؤال الناس، إباؤه لأموال الصدقة،
قبوله الهدية، ترفعه عن فضل الغير ومِنّته، تنزهه عن الفظاظة، وموقفه من التقشف،
وكرهه للهجاء والمدح، والتزامه عدم التكلف في الحياة، وبعده عن التأنق في المشرب
والمأكل، اجتنابه الرياء والخيلاء، مساواته، تواضعه، كرهه للمبالغة في التعظيم
والإطراء، حياؤه، عمله بيده، عزيمته، شجاعته، صدقه في القول، وفاؤه بالوعد، زهده
في الدنيا، قناعته، حِلمه، عفوه عن الناس، صفحه عن أعدائه، إحسانه إليهم، معاملته
للكافرين والمشركين، معاملته لليهود والنصارى، حبه الفقراء والمساكين،