responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 469
التوحيد، فقد رأيت أن أتباع الأديان السابقة للإسلام قد فَصَلت صفات الله عن ذاته؛ فجعلت صفاته مستقِلّة عنه؛ وبذلك تعددت الآلهة، وكثرت في جميع الفِرَق الهندوكية من الدين البرهمي.

وقد وجدت أن سبب ذلك هو أنهم اتخذوا من كل صفة إلهيّة إلهًا، وجسَّموا تلك الصفة في صورة، أو صاغوها في قالب، ثم وسَّعوا نطاق الشِّرْك، وطبَّقوه علَى جميع ما شبِّهت به صفات الإله من مختلف التشابيه ومتنوَّع التماثيل، وصاغوا هذِهِ الصفات وما شبِّهت به في صور وتماثيل وأوثان، وبعد أن كان الله إلهًا واحدًا لا إله غيره صار لهم ثلاثون وثلاثمائة مليون من الآلهة.

لقد بحثت في سر كل هذا التعدد، فرأيت أنهم عندما أرادوا ـ مثلا ـ أن يعبِّروا عن قوة الله وقدرته نَحَتُوا لله يدين قويتين من الحَجَر.. بل سوَّلت لهم أنفسهم أن ينحتُوا له كثيرًا من الأيدي.. باعتبار أن اليد مظهر من مظاهر القوة والبطش.

وهكذا عندما حاولوا أن يعبِّروا عن حِكْمته البالغة، عبروا عنها بأن جعلُوا لله رأسَين، واتَّخذوا له وثنًا ذا رأسين.

وهكذا إذا تأملنا نِحَل الهنادك الكثيرة العَدَد؛ بدا لنا أنها لم تكثر هذِهِ الكثرة الهائلة ولم تفترق إلَى فِرَق كثيرة إلَّا لأجل تجسيمهم صفات الإله؛ فإن لله عندهم ثلاث صفات عظيمات: الخَلْق، والقيام علَى المخلوق، والإماتة.. وإن شئتم فلكم أن تعبِّروا عن هذِهِ الصفات بالخالقية، والقيومية، والإماتية.. وقد جعلَت الفِرَق من الهنادك هذِهِ الصفات الثلاث أشخاصًا مستبِّدين أطلقوا عليهم أسماء: برهما، ووشنوا، وشيو؛ فبرهما رمز للخالِق، ووشنوا هو القيّوم، وشيو هو المُمِيت، ونجمت عن ذلك ثلاث نِحَل: نِحْلَة يعبد أتباعها برهما، ونِحْلَة إلهها وشنو، ونِحْلَة معبودها شيو، وقد انفصل بعض هذِهِ الفِرَق عن بعض.

وقريب من هذا ما حصل للمسيحية.. فقد مثلوا الصفات الإلهيّة الثلاث: الحياة، والعِلْم، والإرادة في ذوات سَمَّوها الأقانيم الثلاثة؛ فالأب رمز للحياة، وروح القُدُس رمز للعِلْم، والابن رمز للإرادة.

وهكذا في في عالَم الأوثان عند قدماء المصريين والإغريق والروم..

هذا الثاني.. وأما الثالث.. فهو ما حصل لهذه الأديان من التلبيس بسبب كثرة أفعال الله، وتنوِّع شؤونه.. فعندما رأوا أن الله تصدُر عنه ضروب من الأعمال؛ حَسِبُوا أنها تصدُر عن مصادر متعددة، وأن لها فاعلين كثيرين؛ فحملهم ذلك علَى أن جعلوا لكل عمل عاملًا مستقِلًّا؛ فاعتقدوا أن الَّذِي يحيي غير الَّذِي يُمِيت، ومَن يحب العباد غير الَّذِي

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست