responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 460
مقام القدوة والأسوة والهداية، مع أنه هو الَّذِي نراه مفصلًا في التوراة.. وكذلك نرى فيها شيئًا كثيرًا مِن القوانين والمبادئ والأصول، لكن هذِهِ الأمور والتي سبقتها مهما تكن أهميتها عند علماء الجغرافيا والأنساب والحقوق؛ فإنها لا تعنينا نحن مِن جهة الأسوة والقدوة في الحياة، ولا تَسدّ الخلل الواقع في سيرة موسى مِن هذِهِ الناحية الَّتِي لا يكمل بيانها إلَّا بذِكْر أخلاقه وشؤون حياته وأحواله في معاشـرته؛ وهـو مـا لا بُدَّ منه ليتخذه البشر مِثالًا يعمل به.

سكت قليلا يستجمع أنفاسه، وقال: وهكذا سرت أبحث عن كل نبي من الأنبياء إلى أن وصلت إلى المسيح.. المسيح الَّذِي يزيد عدد المنتسبين إليه ـ بحسب إحصاءات الأوربيين ـ علَى عدد المنتسبين إلَى الديانات الأخرى.

لقد استغربت كثيرا حين علمت بعد جهد جهيد أن شؤون حياته وأحوال معيشته أخفَى من غيره وأغمض.

لقد استفرغ العلامة رينان جهده؛ ولقي من العناء والنصب مبلغًا عظيمًا ليقف علَى حياة المسيح كاملة تامة؛ ومع ذلك؛ فإن شؤون المسيح وأحواله لا تزال سرًّا مكنونًا في ضمير الزمن لم يَبُح به لسانه بعد.

أين قضى المسيح الثلاثين ـ أو الخمس والعشرين سنة (علَى الأقل) ـ من حياته؟ وفيمَ قضاها؟ وبأي الأعمال شغل هذا الفراغ الواسع من عمره؟

إن الدنيا لا تعلم عن ذلك شيئًا ولن تعلم..

وحتى السنوات الثلاث الأخيرة ماذا نجد فيها؟.. آيات ومعجزات معدودات، وبعض العِظات.. ثم قيل إنه صُلِب؛ فانطوت صحيفة حياته.

سمعت بعض الجلبة في القاعة أحس بها السيد سليمان، فراح يقول: اعذروني.. أنا لم أقل إلا ما وصلت إليه.. وإن كان فيكم من لديه من العلم ما يدلني به على مخطوطات قد تكون غابت عني.. فيها تفاصيل أكثر عن المسيح، أو عن غيره من الأنبياء.. فأنا مستعد لسماعها، بل مسرور بذلك.. ولكن ذلك لم يكن.. ولن يكون.

أنا لا أقول ما أقول جُزافًا، وادعاء مني لأجل عقيدة لي خاصة أعتقدها؛ وإنما هي حقيقة يشهد لها التاريخ، وتؤيدها البراهين والدلائل.

إن العقل السليم يدل ـ بشواهد كثيرة لا يمكن إحصاؤها ـ على أن السيرة الَّتِي يحق أن يتخذ الناس مِنها أسوة حسنة ومثلًا أعلى؛ يُشْتَرط لها قبل كل شيء أن تكون سيرة (تاريخية)، أما السيرة القائمة علَى أساطير لا تدعمها الروايات الموثوق بصحتها؛ فإن

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست