responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 454
ﭘاتر)، ولم تُبقِ يد البِلَى من أوامره وأحكامه إلَّا صخورًا منقوشة وحجـارة منحـوتة.. أما (بوذا)؛ فإنه لا يزال يحكم القلوب، وسُننه وقوانينه لا يزال كثير من الناس يَدينون لها ويُطأطؤون الرّؤوس لـحُرْمتها.

ووجدت أن أوامر ملوك (أجين) و(هستاﭘور) في دلهي وقنوج أَمْسَت أثرًا بعد عين، بل دَرَسَت آثارهم وعَفَت أعلامهم، وأصبحت ديارهم كأطلال خولة.. أما (دهرم شاستر) ـ وهو كتاب العقائد الَّذِي جاء به (مِنو) ـ فلا زال باقيًا نافذًا أمره.

ووجدت أن الملك (حمورابي) من ملوك بابل كان أول مَن سَنّ القوانين، ولكن أين أوامره وأحكامه؟! لقد نسجت عليها العنكبوت منذ زمان طويل، ولم تدع يد البِلَى من قوانينه وأحكامه شيئًا.. أما تعاليم نبي الله إبراهيم فما بَرِحَت غَضَّة طَرِيَّة.

ووجدت (فِرْعَون) ودعواه (أنا ربكم الأعلى) أصبـحت أُضْحُوكَة.. أمـا نبـيّ الله موسى؛ فإنَّه يسود نوازع القلوب، ويملك أهواء النفوس، ويَدين له كثير من الناس، وتُسَلِّم لآياته وبيناته طوائف غير قليلة.

ووجدت قوانين (سولون) زال العمل بها وشيكًا، بينما التوراة المنزلة من السماء لا تنفك أحكامها وقوانيها تجد من يخضع لها، وبتعبد بها.

ووجدت (القانون الروماني) الَّذِي عَدَّ المسيح جانيًا مجرمًا، واعتبره قد اجترح السوء وأتي ذنبًا؛ قد خلت القرون تسفيه برياحها؛ فأصبح هشيمًا مضمحلًا.. أما المسيح؛ فإن تعليمه لا يزال نورًا تُـجَلَّي به ظلمات القلوب، وهُدًى تَطْهُر به نفوس المذنبين، وتُزَكَّي به أرواح المجرمين.

ووجدت (أبا جهل) وكبرياءه، و(كِسْرَى)الفرس ودولته وجبروته، و(قَيْصَر) الروم وحكومته وطغيانه.. قد طوى الدهر صحائفهم، وطمست الأقدار دُوَلهم، وتهدم مجدهم، وذهبوا أدراج الرياح.. أما محمد؛ فإنَّ حُكْمه ما زال باقيًا علَى الدهر، وأوامره نافذة، وسُنَّته مُتَّبعة في كل زمان ومكان.

لكني بعد أن وصلت إلى هذه القناعة وقفت حائرا في الإنسان الذي أتبعه من هؤلاء جميعا..

لقد خيل لي في البدء: أنه يمكنني أن أعتبرهم جميعا سرجا أستضيء بها، وأسلك سلوكها.. لكني وجدت التناقض بين أتباعها حادا بحيث لا يستطيع أحد أن ينضم إلى جهة إلا إذا ترك ما عداها.

وقد جعلتني تلك الحيرة أبحث عن المنهج الذي أتعرف به على الأحق منهم جميعا

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست