responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 447
إنها تقول بلسان فصيح: إن ما جاء به محمد ليس نتاج أفكار ذكية.. ولا مواجيد سامية.. ولا كشوف شفافة.. ولكنه الحقيقة التي عاشها ورآها وسمعها.

إن كلمة (محمد رسول الله) تعني أن هناك آخرة حقيقية.. وأن هناك جنة ونارا.. وأن هناك نعيما وعذابا مقيما.

إنها تعني أن هناك إلها هو رحمن رحيم ملك قدوس لطيف ودود..

إنها تعني أن الله الذي خلق الذرة والمجرة، ودبر العالم من العرش إلى الفرش هو الذي يخاطبنا بذلك القرآن العظيم.. وأنه هو الذي يعلمنا عن طريق ذلك الهدي الرفيع الذي اشتملت عليه سنة محمد وسيرته.

إنها تعني أن الله أمرنا أن نصلي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء.

إنها تعني أن الله أمرنا بأن نصوم رمضان، ونحج البيت.. ونزكي من أموالنا المقادير التي أمرنا أن نزكيها.

إنها تعني أن هناك حلالا يباح فعله، وأن هناك حراما يحظر فعله.. سواء تدخلت الشرطة لتنفيذ ذلك أم لم تتدخل.

إنها تعني أن حياة الإنسان ملك لله.. وأن الله الذي خلق الإنسان هو الوحيد الذي له الحق في أمره ونهيه وتحديد نوع الحياة التي ينبغي عليه أن يعيشها.

إنها تعني الإسلام جميعا بجميع حقائقه ومعانيه وسلوكياته.

نعم.. اعتقاد العبقرية يثير الإعجاب.. ولكنه إعجاب مجرد عن أي تأثير..

أما اعتقاد الرسالة.. فإنه مدرسة كاملة في العلم والحقائق والسلوك.

بينما كنت أستشعر تلك المشاعر الرقيقة.. وأنا في تلك الحديقة الغناء من حدائق مدراس.. إذا بي أرى قوما من الناس يجرون بسرعة، فسألت أحدهم عن سبب ذلك، فقال: إن محاضرة مهمة ستلقى الآن.. سيلقيها عالم مسلم يعقب بها على محاضرات ألقاها علماء من سائر الملل والنحل.

قلت: من العالم المسلم؟

قال: السيد سليمان الندوي([1217]).. ألا تعرفه؟.. ذلك الذي يصيح في الدنيا جميعا بملء


[1217] أشير به إلى العلامة السيد سليمان الندوي، وهو من أسرة علمية عريقة، حسينية النسب، شهيرة بالعلم والتقوى، ولد بقرية (ديسنة) من ولاية بيهار بالهند سنة 1302 هـ، الموافق 1884.

من أبرز أعماله العلمية وأرفعها إكماله لكتاب (سيرة النبي (ص)) الذي كان بدأ بتأليفه أستاذه المحقق العلامة شبلي النعماني، وهذا الكتاب هو دائرة معارف في السيرة النبوية، نُشرت منه سبعة مجلدات ضخمة، لا يقل أحدها عن سبعمائة صفحة من القطع الكبير..وكان جد حريص على البحث والتنقيب، والرد على مطاعن غير المسلمين، وله مصنفات علمية أخرى فريدة من نوعها مما يرتبط بالسيرة منها: (محاضرات مدراس): وهي التي أشرنا إليها في هذا الفصل.

قال فيه شاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال: (يتبوأ السيد سليمان الندوي اليوم أعلى مدارج حياتنا العلمية، إنه ليس مجرد عالم، بل هو أمير للعلماء، وليس بكاتب فحسب، بل إنه إمام الكتّاب والمؤلفين إن شخصه بحرٌ للعلوم والمحاسن، تخرج منه مئات من الأنهار، وتسقي منه ألوف من المزارع اليابسة)

وقال فيه الشيخ محمد أنور شاه الكشميري: (إذا جُمع علم الغزالي والرازي إلى ورع الجنيد والشبلي تكوّن منه سليمان الندوي)

وقال الأستاذ مسعود الندوي (لقد كان رجلاً ذا مروءة غريبة، كريماً يجري الكرم في دمه، لا يغضب ولا يسخط ، يصفح عن عدوه، ويدعو لمن يتناوله بالسوء، أما التلاميذ والمخلصون فيشملهم بعطفه الأبوي، ويبسط على كل فرد منه ظلال شفقته وحنانه، كأنه قد مُنح في هذا الشأن لمحة من سيرة جده الكريم (ص))

ومن مآثره الجليلة أنه من الذين وقفوا بشدة في وجه ما قام به الوهابية من هدم للآثار في مكة والمدينة، وقد كتب مع مجموعة من العلماء رسالة في ذلك.

بعدما أمضى عمره الحافل بالعمل الدؤوب، والمآثر الخالدة، والخدمات العلمية والدينية الجليلة، وافاه الأجل بباكستان في غرة ربيع الآخر عام 1373هـ ..انظر في ترجمته كتاب الأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي: (السيد سليمان الندوي أمير علماء الهند في عصره وشيخ الندويين)

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 447
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست