قال
الرجل: لقد ذكروا أن هذا اجتهاد.. ولا يصح الاجتهاد في إثبات السنة.
قال
الصالحي: صدقت.. والحق معك في هذا حتى لو كان اجتهادا.. فآداب الاستئذان التي وردت
في النصوص معقولة المعنى.. وهي لذلك يصح الاجتهاد فيها، والاحتياط لمراعاتها.
ومع
ذلك.. فقد وردت الروايات تخبر بأن ذلك هو سنة رسول الله (ص)، فلم
يكن (ص) يستقبل الباب بوجهه..
فعن عبد الله بن بسر المازني قال: كان رسول الله (ص)
إذا أتي باب قوم يمشي مع الجدار، ولم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه
الأيمن أو الأيسر، ويقول: (السلام عليكم)، فإن أذن له وإلا انصرف، وذلك أن الدور
لم يكن عليها يومئذ ستور([1053]).
قالت
الجماعة: بورك فيك.. فقد علمتنا ما كنا نجهله من سنة رسول الله (ص).
قال
الرجل: بورك فيك.. فقد بنيت المسألة على مراعاة المصالح مع أن النص صريح فيها
وصحيح..
قال
رجل من الجماعة: أرى أننا جميعا محتاجون إلى التعرف على سنن رسول الله (ص)
المرتبطة بالاستئذان.. فهو من المسائل التي تعم بها البلوى.. والخطر في التقصير
فيها عظيم.
قال الصالحي: صدقت.. فقد
كان من سنة رسول الله (ص) تعليم
الاستئذان من لا يحسنه.. ومما ورد في ذلك ما حدث به زيد بن حراش قال: جاء رجل
من بني عامر فاستأذن على رسول الله (ص) وهو
في البيت فقال: (أألج؟) فقال رسول الله (ص)
لخادمه: (اخرج إلى هذا، فعلمه الاستئذان، فقل له: (قل السلام عليكم أأدخل؟) فسمع
الرجل ذلك من رسول الله (ص) فقال: (السلام
عليكم أأدخل؟ فأذن له رسول الله (ص) فدخل([1054]).
قال الرجل: فما أول أدب من
آداب الاستئذان المأثورة عن النبي (ص)؟
قال الصالحي: أن يعرف
المستأذن بنفسه بما يمكن أن يعرف به.. فلا يصح أن يقول (أنا)، لأن (أنا) تصدق
على كل فرد.. ففي الحديث عن جابر قال: أتيت رسول الله (ص) في أمر دين كان على أبي، فدفعت الباب فقال: ((من
ذا؟) فقلت: أنا، فخرج وهو يقول: (أنا أنا) كأنه يكرهه([1055]).