أشار الحكيم إلى سيف آخر،
وقال: لعل صاحبنا الفنان يشير بهذا السيف إلى سرية([590]) مؤتة([591]) التي
أرسلها (ص) لحرب الروم في جمادى
الأولى سنة 8 هـ (سبتمبر سنة 629 م)
فإن كان ذلك كذلك، فليعلم
أن سببها أن رسول الله (ص) كان قد أرسل
الحارث بن عمير الأزدي بكتاب إلى أمير بصرى من جهة هرقل وهو الحارث بن أبي شمر
الغساني، فلما نزل مؤتة تعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، وهو من أمراء قيصر على
الشام فقال: أين تريد لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم، فأوثقه وضرب عنقه ([592]).
وكان قتل السفراء والرسل
من أشنع الجرائم، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على رسول الله (ص) حين نقلت إليه الأخبار، فجهز إليهم جيشاً قوامه
ثلاثة آلاف مقاتل، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب.
بالإضافة إلى ذلك، فقد
أراد (ص) بهذه السرية الكبيرة تأديب عرب
الشام التابعين للدولة الرومانية، والذين دأبوا على استفزاز المسلمين وتحديهم
وارتكاب الجرائم ضد دعاتهم.