هذه خطبة أبي سفيان في
الجيش، وكان قائدهم ولا بقاء للجند بعد رجوع القائد ونصيحته لهم بالعودة، ولا شك
أنهم سئموا الإقامة ولم يروا فائدة من الانتظار أكثر مما انتظروا، وقد ساءت حالهم
بسبب اشتداد البرد وهبوب الريح وعدم رغبة بني قريظة في القتال، وقد كانوا يؤملون
دخول المدينة، فكان الخندق عقبة في سبيلهم بالرغم من كثرة عددهم.
ولما سمعت غطفان بما فعلت
قريش تشمروا راجعين إلى بلادهم تاركين ما استثقلوا من متاعهم فغنمه المسلمون،
وانصرف المسلمون عن الخندق ورجعوا إلى المدينة ووضعوا السلاح بعد أن حاصرهم
المشركون خمسة عشر يوماً، وانصرف (ص) من
غزوة الخندق، وقد قال بعد انصراف الأحزاب:(لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا)، وقد كان
كما أخبر (ص)، فقد كانت هذه الغزوة آخر
محاولة من أعداء رسول الله (ص) من
قريش ومن حالفهم للقضاء على الإسلام.
ومع عظم الجيش المعد لهذه
الغزوة ـ التي كان يمكن أن تقضي على الإسلام في مهده لولا حنكة رسول الله (ص) ـ إلا أن خسائر الطرفين فيها لم تكن كبيرة، فقد
ذكر ابن إسحاق أنه استشهد من المسلمين يوم الخندق ستة لا غير: ثلاثة من الأوس وهم:
سعد بن معاذ، وأنس بن أوس، وعبد الله بن سهيل، وثلاثة من الخزرج وهم: الطفيل بن
النعمان، وثعلبة بن غنمة، وكعب بن زيد.
أما عدد قتلى المشركين
فثلاثة: منبه بن عبد العبدري أصابه سهم فمات منه بمكة، ونوفل بن عبد الله
المخزومي، وعمرو بن عبد وُدّ.