وقال:
إن أصبت فمالى لمحمد، يصنع فيه ما شاء، ثم غدا فقاتل حتى قتل.فقال رسول الله (ص) : (مُخَيرِيق خير يهود)
بعد هذه المواقف النبيلة
من الجرحى والشهداء أشرف رسول الله (ص) على
الشهداء فقال: (أنا شهيد على هؤلاء، إنه ما من جريح يُجْرَح في الله إلا
والله يبعثه يوم القيامة، يَدْمَي جُرْحُه، اللون لون الدم، والريح ريح المِسْك)
سكت قليلا، ثم قال: بعد كل
هذه المواقف النبيلة انصرف رسول الله (ص)
راجعاً إلى المدينة، وفي الطريق مر بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها
وأبوها بأحد، فلما نعوا لها قالت: فما فعل رسول الله (ص) ؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما
تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة
بعدك جَلَلٌ.
وجاءت إليه أم سعد بن معاذ
تعدو، وسعد آخذ بلجام فرسه، فقال: يا رسول الله، أمي، فقال: (مرحباً
بها)، ووقف لها، فلما دنت عزاها بابنها عمرو بن معاذ، فقالت: أما إذ رأيتك
سالماً فقد اشتويت المصيبة ـ أي استقللتها ـ ثم دعا لأهل من قتل بأحد، وقال:
(يا أم سعد، أبشري وبشري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً، وقد شفعوا
في أهلهم جميعاً). قالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم
قالت: يا رسول الله، ادع لمن خلفوا منهم، فقال: (اللهم أذهب حزن قلوبهم،
واجبر مصيبتهم، وأحسن الخَلفَ على من خُلِّفُوا)
وعندما عاد رسول الله a في مساء ذلك اليوم إلى أهله ناول سيفه ابنته
فاطمة، فقال: (اغسلي عن هذا دمه يا بنية، فوالله لقد صدقني اليوم)، وناولها
على بن أبي طالب سيفه، فقال: وهذا أيضاً فاغسلي عنه دمه، فوالله لقد صدقني
اليوم، فقال رسول الله a : (لئن كنت