قال الحكيم: بلى..
لقد كان هدف المشركين هو القضاء على الإسلام.. ولم يكن هدفهم ذلك النصر المحدود..
لذلك استمروا في تتبعهم لرسول الله (ص)
والمؤمنين، وقاموا بآخر هجوم حاولوا به النيل من المسلمين يقودهم أبو سفيان وخالد
بن الوليد، فقال رسول الله (ص):
(اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا)
ثم كلف أصحابه بأن يقفوا
في وجه هذا الهجوم..
ولما يئس المشركون من
مواصلة المعركة وتحقيق الهزيمة الكاسحة بالمسلمين لجأوا إلى الشهداء يمثلون بهم،
ويقطعون الآذان والأنوف ويبقرون البطون..
ولما استقر رسول الله (ص) في مقره من الشِّعب خرج على بن أبي طالب حتى ملأ
دَرَقَته ماء من المِهْرَاس([573]) فجاء
به إلى رسول الله (ص) ليشرب منه، فوجد
له ريحاً فعافه، فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم، وصب على رأسه وهو يقول:
(اشتد غضب الله على من دَمَّى وجه نبيه)
وقال سهل: والله إني
لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله (ص)، ومن
كان يسكب الماء، وبما دُووِي ؟ كانت فاطمة ابنته تغسله، وعلى بن أبي طالب يسكب
الماء بالمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من
حصير، فأحرقتها، فألصقتها فاستمسك الدم.
ولما انصرف أبو سفيان ومن
معه نادي: إن موعدكم بدر العام القابل، فقال رسول الله (ص) لرجل من أصحابه: (قل: نعم، هو بيننا وبينك
موعد).
ثم بعث رسول الله (ص) على بن أبي طالب، فقال: (اخرج في آثار القوم
فانظر ماذا يصنعون؟
[573] قيل: هو صخرة منقورة
تسع كثيراً. وقيل: اسم ماء بأحد.