كتابهم (القرآن) في ترجمته
الفرنسية لـ/(ص). ولم أتوقف عن قراءته منذ ذلك الحين، حتى الآن، وحتى تلك اللحظة،
لم أكن قد تعرفت على القرآن الا من خلال النوافذ المفتوحة لكتاتيب تحفيظ القرآن في
ميزاب جنوب الجزائر، حيث يحفظه اطفال البربر، ويتلونه في لغة غريبة عنهم، وهو ما
دهشت له كثيرا. وفيما بعد ادركت ان حفظ وتلاوة القرآن، باعتباره رسالة الله
المباشرة، فرض تحت الظروف كافة.
وقد أزعجني رد الفعل الغاضب من جانب أحد
الجزائريين، عندما حدثته في بار فندق ترانس ميدترانيان في غرداية، عن قراءتي
للقرآن، اذ استنكر في صراحة لا ينقصها الوضوح، وجود ترجمات له، واعتبر محاولة
ترجمة كلام الله الى لغة اخرى بمثابة تجديف.
ولم استغرق وقتا طويلا قبل ان استوعب رد فعله.
فاللغة العربية تشتمل على مفردات لا تدل على وقت محدد بعينه. فالمفردات التي تشير
الى مستقبل مؤكد يمكن أن تدل على امر حدث في الماضي ايضا. ناهيك عن ان اللغة
العربية تتضمن بعض ما يمكن للعربي ان يفهمه تلميحا. وبغض النظر عن ذلك، فهناك
المشكلة المعتادة التي تكمن في أن الكلمات التي تعبر عن ذات المعنى في لغتين لا
تتطابق في ما يختص بتداعي الخواطر الا نادرا. ومن ثم، فان كل ترجمة للقرآن ان هي
الا تفسير يفقر المعنى ويجرده من مضمونه. وهكذا كان الرجل في البار على حق.
لم تشأ هذه الجزائر، التي أدين لها بالكثير، أن
تتركني لحالي، وانما تبعتني كالقدر، فعندما أصبحت سويسرا ترعى مصالحنا في الجزائر،
في عام 1966، كان عليّ أن أعمل من السفارة الالمانية في برن على استمرار الاتصال
مع من تبقى من بعثتنا الدبلوماسية في الجزائر، من خلال القسم السياسي في السفارة
السويسرية. وكان البريد المرسل من بون الى الجزائر، يمر من خلالي اسبوعيا.