معرفة متنامية
أبدًا بالكون الطبيعي وسيطرة متعاظمة عليه كان تقدمه الأخلاقي يتخلف متلكئًا.
وبتحرير العلم في القرون الوسطى من سلطان الكنيسة، لم يفصل الغرب العلم عن العقائد
الدينية فحسب بل فصله عن مفاهيم الإيمان والقيود الأخلاقية الملازمة لها أيضًا.
أما العلم الإسلامي فلم ينفصل عن الدين قط. والواقع أن الدين كان هو ملهمه وقوته
الدافعة الرئيسية. ففي الإسلام ظهرت الفلسفة والعلم معًا إلى الوجود لا ليحلا محل
ألوهية الدين (البدائية)، ولكن لتفسيرها عقليًا، لإقامة الدليل عليها وتمجيدها.
ومن هنا فليس عجيبًا أن يكون العلم الإسلامي لم يجرّد في أيما يوم من الأيام من
الصفات الإنسانية – كما
حدث في الغرب – ولكنه
كان دائمًا في خدمة الإنسان. وبينا أكره العلم الغربي في عهد مبكر نسبيًا على
اتخاذ سبيل التخصص، بحيث أمسى كل فرع من فروعه يعمل – كثيرًا أو قليلاً – في عزلة، ظل العلم الإسلامي شموليًا، يجهد من أجل
الوحدة، وهي وحدة يلعب فيها كل من الكون المادي والله والإنسان دوره الحاسم)([414])
ويتحدث عن تفوق المسلمين العلمي، فيقول: (والحقيقة
التاريخية التي لا ريب فيها هي أن المسلمين وفقوا، طوال خمسة قرون كاملة، إلى
القيام بخطوات حاسمة في مختلف العلوم من غير أن يديروا ظهورهم للدين وحقائقه،
وأنهم وجدوا في ذلك الانصهار عامل تسريع وإنجاح، لا عامل تعويق وإحباط)([415])
قلت: إن هذا رجل فاضل حقا.. إنه يحمل تقديرا عظيما
للإسلام يندر أن نجد مثله.
قال: صدقت.. ففي كلماته من نفحات الصدق ما يدل على
أن علاقته بالإسلام أعمق من