وعندما قرأت القرآن أول مرة، شعرت بصراع عنيف في
أعماقي، فثمة صوت يناديني ويحثني على اعتناق هذا الدين، الذي يجعل علاقة الإنسان
بربه علاقة مباشرة، لا تحتاج إلى وساطات القسس، ولا تباع فيها صكوك الغفران.
وفي يوم توضأت، ثم أمسكت بالقرآن فقرأت:﴿
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (محمد:24)، فأحسستُ
بقشعريرة، ثم قرأت:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ
دِيناً ﴾(المائدة:3)، فحلّت السكينة في روحي الحيرى، وشعرت
أني قد خُلقت من جديد.
في تلك الليلة لم أصبر حتى تطلع الشمس، بل اتجهت
حالاً إلى منزل صديقي المسلم لأسأله عن كيفية الدخول في الإسلام، وبين حيرة الصديق
ودهشته نطقت بالشهادتين.
من الأسماء التي رأيتها في دفتر الغريب في هذا
الفصل اسم (عبدالأحد داود)، فسألت الغريب عنه، فقال: لم ألتق به، ولكني التقيت بعض
أحفاده، وقد حدثني عنه، فذكر أن اسمه قبل إسلامه كان (دافيد بنجامين الكلداني)([175]) ..
وكان أستاذا في علم اللاهوت، وكان قسيس الروم الكاثوليك لطائفة الكلدانيين
الموحدة، وكان يتكلم عدة لغات.
وقد ولد عام 1868م، في أروميا من بلاد فارس، وتلقى
تعليمه الابتدائي في تلك المدينة، وبين عامي 1886 – 1889م كان أحد موظفي التعليم في إرسالية أساقفة (كانتر
بوري) المبعوثة إلى النصارى النسطوريين في بلدته.. وفي عام 1892م أرسل إلى روما
حيث تلقى تدريبا منتظما
[175] انظر: (محمد
في الكتاب المقدس) عبد الأحد داود ص (162) - (عظماء ومفكرون يعتنقون الإسلام) محمد
طماشي.