وذكرت تلك الأمنية العزيزة التي كانت تتردد في نفس
ربيعة بن كعب الأسلمي.. فلما واتته الفرصة راحة يطلبها من رسول الله (ص).. قال يحدث عن نفسه: كنت أبيت عند النبي (ص) فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: (سل) فقلت: (يا
رسول اللّه أسألك مرافقتك في الجنة)، فقال: (أو غير ذلك؟) قلت: (هو ذاك)، قال: (فأعني
على نفسك بكثرة السجود)([10])
وذكرت قول أنس، وهو يبين الأثر العظيم الذي أحدثه
غياب رسول الله (ص).. لقد قال: (لما
كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله (ص)
المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ولما
نفضنا عن رسول الله (ص) الأيدي وإنا لفي
دفنه حتى أنكرنا قلوبنا)([11])
***
لم يخطر على بالي أولئك المحبين في تلك اللحظات
اللذيذة فقط.. فقد كانوا بعضا من آلاف.. بل من عشرات الآلاف.. بل من ملايين
المسلمين عبر أجيال المسلمين الطويلة..
كلهم كانوا على قلب رجل واحد يمتلئون محبة وتعظيما
لرسول الله.. يجتمعون به وبحبه وبالشوق إليه، ويفترقون على ذلك.
وكانت المعاني النبيلة التي أشرقت عليهم من شمس
محمد (ص) تملؤهم بالسعادة
والسكينة..