متعها
ولذائذها، وتكون في الوقت ذاته هي محاولة التغلب على الآخرين للاستئثار بأكبر قدر
من المتاع، ومحاولة إخضاعهم بالقوة والقهر، سواء بالقوة المادية أو القوة العسكرية
أو القوة السياسية أو القوة الاقتصادية أو القوة العلمية.. أو كلها جميعا..
وحين تكون الغاية هي عبادة
الله يكون مفهوم الحضارة مختلفا عن هذا المفهوم وذاك، وكذلك يكون تفسير التاريخ،
لأن المعيار الذي يقوم على أساسه التفسير، هو مدى تحقيق الإنسان لغاية وجوده، ومدى
تفوقه أو تخلفه في تحقيق هذا الوجود.
قلت: لكل دين من الأديان
شعائره التعبدية الخاصة به.. ولا يمكن أن نقيم الحضارات على هذه الأسس.
قال: مفهوم العبادة في
الإسلام ـ والذي هو غاية الوجود الإنساني كما يرى الإسلام ـ مختلف تماما عن كل
المفاهيم.. ذلك أن له علاقة كبرى بفطرة الإنسان، وفطرة الوجود.
قلت: لم أفهم.
قال: الوجود في التصور
الإسلامي كله متوجه لله توجها فطريا، فهو لا يعرف إلا الله، ولا يعبد إلا الله..:﴿
وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ (البقرة:116)،:﴿
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾
(الروم:26)
وبما أن الإنسان فرد في
هذا الوجود، فإنه من الشذوذ الخطير أن ينفصل عن هذه العبادة التي يمارسها الكون،
ويستمر بها وجوده.