أشجارها.. فقد
كانت الرئة التي تتنفس منها باريس.. وكانت القلب الذي يمدها بدماء الحياة..
ولكنهم في ذلك اليوم
أحضروا كل ما أمدتهم به هذه الحضارة من وسائل التدمير ليقطعوا أشجار تلك الغابة..
بل يجتثوها من أصولها.. ليقيموا بدلها مصنعا للكوكاكولا.
وجاءت الآلات، واقتربت من
الأشجار لتقطعها.. أو لتجتثها من أصولها.
لكنها فوجئت برجل يصيح
فيها كما يصيح المجانين: ابتعدي أيتها الآلات الحمقاء.. اتركي لي أسرتي.. لا تقطعي
جذوري.
ضحك أصحاب الآلات وغيرهم
من الناس الذين اجتمعوا في ذلك الموقف.
استمر في صياحه يقول:
ملعونة أنت أيتها الحضارة التي تهدم الحياة.. ملعونون أنتم يا من خلفتم عادا
وثمودا وسدوما وعمورية.. ملعون كل من يقطع أشجار الله ليستبدلها بشراب الشياطين..
نظر إلى الآلات، وصاح: حتى
أنت أيتها الآلة الخرساء ملعونة.. لأن تلك الأيادي الآثمة امتدت إليك وصنعتك..
أسرع رجال الشرطة إليه
ليبعدوه عن طريق الآلات.. فصاح فيهم، وهم يمسكون به: هذه هي حضارة الجبروت.. هذه
هي حضارة المعتقلات والسجون والزنازن والدماء.. هذه هي الحضارة التي حلمت بها
الشياطين منذ ابتدأت الشياطين.
أبعدته الشرطة عن ذلك
المحل.. ثم قيدته بعيدا عن تلك الأشجار، لتدع للآلات ممارسة ما تتقنه من أدوار.