قالت: بالطبيعة.. لقد حلت
الطبيعة محل الإله.. كما يقول (سول): (صار
لزاماً على الذين نبذوا الإيمان بالله كلية أن يبحثوا عن بديل لذلك ووجدوه في
الطبيعة)([340])
وكتب الفكر الغربي تسمي
ذلك العصر عصر (تأليه الطبيعة)، أو عبادة الطبيعة، وليست هذه العبارات مجازاً، بل
هي مستعملة على الحقيقة تماماً، فكل صفات الله التي عرفها الناس عن المسيحية نقلها
فلاسفة الطبيعة إلى إلههم الجديد، مع فارق كبير بين الإلهين في نظرهم.
فإله الكنيسة حقود يعذب
السلالة البشرية ويقتل ابنه لأن الإنسان الأول أكل فاكهة من حديقته.. وهو إله
متعنت يضع القيود الاعتباطية على حرية الإنسان ويقيده بالالتزامات ويفرض عليه
الرهبانية والخضوع المذل لممثليه على الأرض.
أما الطبيعة فإله جذاب رحب
الصدر ليس له كنيس ولا التزامات ولا يستدعي طقوساً ولا صلوات، وكل ما يطالب به
الإنسان أن يكون إنساناً طبيعياً يلبي مطالبه الطبيعية في وضوح وصراحة.
وميزة الإله الجديد أنه
ليس له رجال دين ـ كما للكنيسة ـ يستعبدون الناس لأنفسهم.. ولا كتاب مقدس متناقض..
ولا أسرار علياً مقدسة.. بل له دعاة من أمثال روسو وفولتير وديدرو.. وله كتب علمية
هي (دائرة المعارف) و(العقد الاجتماعي) و(روح القوانين)
والقانون الطبيعي يجعل الكون
مترابطاً متناسقاً لا اضطراب فيه ولا خلل، وبالمقابل