كان أميا، ولكنه كان
يحمل الإكسير الذي أعاد به الحياة لشجرة البشرية.
قلت: لقد كانت في عهد
محمد حضارات عريقة وديانات قديمة.. ألم يكن في أحدها سر الخلاص؟
قال: لقد كان من سر
الخلاص الذي جاء به محمد أنه لم يكن في بقعة من بقاع الأرض غير تلك البقعة البسيطة
القريبة جدا من الفطرة.
قلت: لم؟.. هل تعادي
الحضارات؟
قال: لا أعاديها،
ولكن محمدا لو ولد في بيئة غير تلك البيئة لتلطخت تعاليمه كما تلخطت تعاليمنا نحن
المسيحيين.
لقد ذكر القرآن شيئا
قريبا من هذا عندما قال:﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى
نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ
رِسَالَتَهُ﴾(الأنعام:124)
لقد طلب هؤلاء القوم
أشياء مماثلة لما جاءت بها الرسالات السابقة، والتي امتلأت تحريفا، فرد عليهم
القرآن بأن الله أعلم بالمحل الذي يجعل فيه رسالته.
قلت: أراك تتحامل على
تلك الحضارات العريقة.. والتي لا زلنا نشم عطر ما أنتجته.
قال: كلامك يحتاج
بحثا موضوعيا بعيدا عن لغة الخطاب التي تعودنا أن نسمعها.
قلت: وما الكلام
الموضوعي في هذا؟
قال: الموضوعية
العلمية تتطلب استقراء واقع البشرية في عصر محمد، لنرى بموضوعية تامة الحالة التي
كانت تعيشها، والدواء الذي كانت تبحث عنه.