النهائي لكنائسنا ومنظماتنا السياسية
وللرأسماليين عندنا، ولكل فرد يخاف الله، او يحب بلده! )
ابتسم خبيب، وقال([19]): سلني أنا عن الكنائس.. أنا الذي ربيت
فيها.. ولدي من المعرفة بقدراتها ما جعلني أطمئن اطمئنانا تاما إلى أنها أعجز من
أن تؤدي هذا الدور الخطير..
إن الكنائس لم يعد لديها من المسيحية ـ
منذ ما أفسدها بولس أولاً، وقسطنطين ثانياً، والكنيسة والمجامع والبابوات ثالثاً ـ
ما يصلح شريعة للإنسانية.
إن مستر دالاس ـ بحكم عدم خبرته في هذا
المجال ـ يكلف رجال الكنيسة والزعماء الروحيين مالا قبل لهم به حين يطلب إليهم،
بما بين أيديهم من رصيد مهلهل للمسيحية، ومن تاريخ مرير بين الكنيسة ورجالها
والدين وأهله وبين ضمائر الناس وعقولهم، ومن فصام نكد قامت بعده كل جوانب الحياة
والفكر والشعور على أساس العداء للدين كله([20])..
إنه يكلفهم بعد كل هذا مالا قبل لهم به..
إنه يطلب إليهم استحداث منهج من ذلك الرصيد المهلهل، يصل بين الإيمان والعمل، وبين
الفردية والجماعية، وبين الروح والمادة، وبين التقدم العلمي والهيمنة الروحية على
هذا التقدم، وبين العناية بتنمية الحياة للمجتمع مع سيطرة الروح الإيماني.. منهج
لا يفرق بين الدين وممارسة الدين. ويرفض القول: بأنه من غير الممكن الحصول على
عدالة اجتماعية بدون ممارسة الإلحاد والمادية. كما يرفض أن يكون للأشياء المادية
الأولوية. أو أن تكون العبودية والاستبداد وسيلة الإكثار من الإنتاج المادي. او أن
يعتدي على الحرية العقلية والروحية والاقتصادية في سبيل هذا الإكثار.. منهج لا
يطلب وقف التقدم العلمي باسم (الدين)! ولا يجعل التدين وسيلة واحدة هي عودة العلم
والمعرفة القهقري!.. وفي النهاية منهج
[19] هذا الكلام
ملخص بتصرف من كتاب (المستقبل لهذا الدين) لسيد قطب.
[20] ذكرنا التفاصيل
الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (ثمار من شجرة النبوة) من هذه السلسلة.