العقيدة في المؤمن أن
تسلب منه ملكيته لماله، كما تسلب منه قبل ذلك ملكيته لكل شيء..
فالله في تصور المؤمن هو المالك الحقيقي للأشياء..
قال تعالى:﴿ لِلَّهِ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة:120)
والله واحد في ملكه لا شريك له.. قال تعالى:﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ
وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ
مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (الاسراء:111)
وانطلاقا من هذا، فإن القرآن الكريم يملأ
وجدان المؤمن بأن المال مال الله.. وأن المؤمن ليس له من حظ في هذا المال سوى أنه
مستخلف أو وكيل فيه، قال تعالى:﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ (النور: 33)..
انظروا كيف نسب الله تعالى المال لنفسه.. وكأنه يقول للعبد: أنت مخطئ في تصورك أن
هذا المال مالك.. إنما هو مال الله.
وقال تعالى مقررا علاقة الإنسان بالمال
:﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ
فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾
(الحديد:7)
قاطعه رجل منا، وقال: فالإسلام يتفق في
ذلك مع العقيدة المسيحية إذن.. فقد حدث أصحاب الأناجيل - متى ومرقص ولوقا - عن
المسيح: أن شاباً غنياً أراد أن يتبع المسيح، ويدخل في دينه، فقال له المسيح: ( بع
أملاكك، ثم اعط ثمنها للفقراء، وتعال اتبعني)، فلما ثقل ذلك على الشاب قال المسيح:
(يعسر أن يدخل غني ملكوت السموات) أقول لكم أيضاً: ( إن دخول جمل في ثقب إبرة أيسر
من أن يدخل غيى ملكوت الله )
قال آخر: والإسلام بذلك يختلف اختلافا
جذريا عن جميع المذاهب الاقتصادية.. فكلها من رأسمالية وشيوعية وغيرها تجعل
الاقتصاد محور الحياة وتجعل من المال (إله ) الأفراد والجماعة.