يجب أن تكون هي
الغاية القصوى والمقصد الأساسي لكل نشاط إنساني، والمعيار الذي يحدد نجاحه وفلاحه،
كقوله تعالى :﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا
وَتَقْوَاهَا(8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾
(الشمس)، وقوله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴾ (الأعلى:14)
ولذلك فإن كل التشريعات التي جاء بها الإسلام تصب
في هذا الجانب.. جانب تزكية الإنسان والحفاظ على طهارته.
***
ما وصل خبيب بن عدي من حديثه إلى هذا
الموضع حتى جاء السجان، ومعه مجموعة من الجنود، ثم أخذوا بيد خبيب، وساروا به إلى
مقصلة الإعدام..
نظر إليهم خبيب بابتسامة، وقال: أتأذنون
لي أن أختم حياتي بركعتين أصليهما لله كما صلاهما قبلي سميي خبيب.
أشاروا إليه بالموافقة.. فصلى ركعتين
أوجز فيهما، ثم التفت إلى السجان، وقال: لولا أن يروا أن ما بي من جزع من الموت
لزدت.
ثم صعد المقصلة، وهو يردد تلك الأبيات
التي رددها قبله سميه خبيب..
بعد أن وضع الحبل على عنقه التفت إلينا
بابتسامة، وقال: أستودعكم الله أيها الإخوان الأفاضل.. لا أريد منكم، وأنا أتقدم
لنيل هذه الجائزة العظيمة إلا أن تجعلوا نفوسكم جنودا في جيش العدالة الإلهية..
وأن تتحملوا مسؤوليتكم في هذا الصدد.. فـ :﴿ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ
فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا
قَلِيلًا (16)﴾ (الأحزاب)