ابتسم، وقال:
أجل.. لقد طبقت على الأفكار التي لقنني إياه المنهج الذي علمني إياه.. فمحوتها من
ذاكرتي ومن التأثير في.
قلنا: كيف؟
قال: هو لا
يثق في العقل.. ولا في الحقائق.. ولا في الظواهر.. هو يعتبرها كلها من الأوهام..
وبما أنه طرح آراءه كحقائق عقلية.. فقد اعتبرتها على حسب منهجه مجرد سراب من
الأوهام.
قال ذلك، ثم
غرق في صمت عميق.. انتظرناه برهة.. فلما طال، سألناه: أهؤلاء فقط هم أساتذتك؟
قال: لا..
هناك أساتذة كثيرون.. أستحيي من ذكرهم.. أو ينعقد لساني دون ذكرهم.. لأني بعد أن
لقيت النور والصفاء والسلام.. بعد أن لقيت الإنسان.. صرت أنظر إليهم باحتقار،
وأخجل من تلك الأيام التي كنت أجثو بين أيديهم فيها كما يجثو الصبي أمام معلمه.
قلنا:
فحدثنا عن النور والصفاء والسلام.. حدثنا عن الإنسان.. حدثنا عن الأستاذ الذي نسخ
جميع ما لقنه لك أساتذتك.
قال: لم يكن
أستاذي هذا خريج أي جامعة.. ولا أستاذا بأي كلية.. ولم ينل أي جائزة من تلك
الجوائز الضخمة التي تعود قومنا أن يسلموها للمتفوقين..
قلنا: أي أستاذ
هذا!؟
قال: لقد
كان بسيطا غاية البساطة.. وكان لذلك يمثل الفطرة في قمة قممها.