قلت: لقد ذكر
لي فرويد أن الإبداع يعتمد على التسامي..
قاطعني، وقال:
أخطأ فرويد.. الإبداع لا يعتمد على التسامي.. بل يعتمد على الإسقاط.
قلت: ما
الإسقاط؟
قال: هو
العملية النفسية التي يحول بها الفنان تلك المشاهد الغريبة التي تطلع عليه من
أعماقه اللاشعورية إلى موضوعات خارجية يمكن أن يتأملها الأغيار.
قلت: كيف يتم
هذا الإسقاط؟
قال: هذا
الإسقاط لا يتم إلا من خلال الرمز الناتج عن إطلاع المبدع حدسياً على اللاشعور
الجمعي، ولهذا كان إبداع الرمز أعظم وظائف اللاشعور؛ لأنه أفضل صيغة ممكنة للتعبير
عن حقيقة مجهولة نسبياً.
بعد أن حدثني أستاذي (يونج)
بتلك الأحاديث، بل أقنعني بها، لم يعد لي من هم في حياتي إلا البحث في الأساطير
والخرافات القديمة لأحاول أن أجد من خلالها حقيقتي..
كان البحث
مضنيا.. وكان فك الرموز أكثر صعوبة.. وفوق ذلك لم يكن لي من الدلائل ما يقنعني
بصحة أي من التحليلات الكثيرة المتناقضة.
في غمرة تلك
الجهود الشاقة جاءني أستاذي السادس، ليخرجني من تلك المتاهة، ويدخلني متاهة أخرى.