قلت: إن هذا
جميل يملأ القلب محبة وتعظيما.. فما غيره؟
قال: إن ربي
هو السميع الذي لا يعزب عن إدراكه مسموع وإن خفي، فيسمع السر والنجوى، بل ما هو
أدق من ذلك وأخفى، ويدرك دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة
الظلماء.. يسمع حمد الحامدين فيجازيهم.. ويسمع دعاء الداعين فيستجيب لهم.. يسمع
بغير أصمخة وآذان كما يفعل بغير جارحة ويتكلم بغير لسان وسمعه منزه عن أن يتطرق
إليه الحدثان.. قال تعالى :﴿ وَإِذْ
يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا
تَقَبَّل مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ (البقرة:127)، وقال :﴿
إِذْ قَالتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لكَ مَا فِي بَطْنِي
مُحَرَّراً فَتَقَبَّل مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ (آل
عمران:35)، وقال عن دعاء زكريا :﴿ قال رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لدُنْكَ ذُرِّيَّةً
طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ (آل عمران:38)
وقال رسول الله (ص) :(
وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا : اللهمَّ رَبَّنَا لَكَ
الْحَمْدُ، يَسْمَعِ الله لَكُمْ ؛ فَإِنَّ الله تَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ
نَبِيِّهِ (ص) : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ)([507])
وهو البصير
الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى، وإبصاره منزه عن أن يكون بحدقة
وأجفان، ومقدس عن أن يرجع إلى انطباع الصور والألوان في ذاته كما ينطبع في حدقة
الإنسان، فإن ذلك من التغير والتأثر المقتضي للحدثان.
قال تعالى
عن موسى :﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَل لِّي وَزِيراً
مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ
نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً قَالَ
قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾ (طه:25-35)، وقال على لسان مؤمن آل فرعون :﴿
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ