وفي أثر
آخر:( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن
آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني
بقرابة الأرض - بضم القاف ويجوز كسرها أي قريب ملئها - خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي
شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) ([494])
قلت: إن هذا
جميل.. ولكن ألا ترى فيه تشجيعا للعصاة على معاصيهم؟
قال: لا.. إن
الله تعالى هو الذي وصف نفسه بذلك، ومن الخطر أن نصف الله تعالى بغير ما وصف به
نفسه..
فالله تعالى
يخاطب المسرفين على أنفسهم بألوان الذنوب قائلا:﴿
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر:53)،
فالله تعالى عرف نفسه لهؤلاء المسرفين بكونه غفورا رحيما، ومن الخطأ أن نعرفهم لهم
بغير ما عرفهم به.
بل إن هذا
التعريف هو الذي يحرك القلوب للسير نحو الله، ويكبح الغرائز عن معارضة الرحيم
الودود، وقد روي أن علياً الأسدي حارب، وأخاف السبيل، وأصاب الدم والمال، فطلبه
الأئمة والعامة فامتنع، ولم يقدروا عليه حتى جاء تائباً، وسبب توبته أنه سمع رجلاً
يقرأ هذه الآية::﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر:53)، فوقف
عليه، فقال:( يا عبد الله أعد قراءتها فأعادها عليه، فغمد سيفه، ثم جاء تائباً.
ويروى من
هذا أن مجوسياً استضاف إبراهيم الخليل ، فقال: إن أسلمت
أضفتك؛ فمرّ