قلنا: فمن
قصدت إذن؟.. نراك قد جلت على جميع الأديان.
قال: بعد أن
امتلأت بالصراع هربت من الله الذي نذرت حياتي كلها للبحث عنه..
قلنا: كيف؟
قال: في
غمرة تلك الآلام لاقاني رجل كان يقال له (آرثر شوبنهاور).. قال لي بلهجة حادة: إن
الإله ليس شيئا سوى صنيعة من صنائع البشر، ابتكروها لتفسير ما هو مجهول لديهم من
ظواهر طبيعية أو نفسية أو اجتماعية، وكان الغرض منه تنظيم حياة مجموعة من الناس
حسب ما يراه مؤسس الدين مناسبا، وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن جهل
قرروا بالالتزام بمجموعة من القيم البالية.
ثم أضاف
يقول: من المستحيل أن تكون كل هذه الديانات من مصدر واحد.. فالاله الشديد البطش
الذي أنزل 12 مصيبة على المصريين القدماء، وقتل كل مولود أول ليخرج اليهود من أرض
مصر هو ليس نفس الاله الذي ينصحك بأن تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون ان تعمل
شيئا.
قلت له بنفس
اللهجة التي خاطبني بها: فما تقول في هذه الحياة ومعجزاتها؟
ابتسم بخبث،
وقال: لا شك أنك لا تعرف تشارلز داروين.
قلت: ما به؟
قال: لقد حل
المشكلة.. فالحياة من صناعة الصدفة والتطور والارتقاء.
قلت: والإله؟
قال: لقد
أعلن (فريدريك نيتشه) موته.. وأعلن أن الدين فكرة عبثية، وجريمة ضد الحياة