هل يرضى أحدكم
أن يدخل بعض الناس بيته، فيروح ذلك الضيف يفسد، ويخرب، ويحطم.. هل ترضون لبيوتكم
أن تقلب رأسا على عقب..
قالوا جميعا:
لا.. ولا كرامة لمن خرب وأفسد.
قال: فبيت
الله هو هذه الأرض.. ونحن ضيوف فيها.. وليس على الضيف إلا أن يحفظ دار ضيفه.
ومن لم
يحفظها، فلن يكون جزاؤه إلا ما أخبر الله عنه من نبأ الأمم السابقة..
لقد ذكر الله
نبأ سبأ.. لاشك أنكم تعرفونها..
قال رجل من
الجمع: أجل.. ومن لا تعرف حضارة سبأ.. فهي حضارة راقية، وقد كانت لها من الجنات ما
تنبهر له الأبصار، كما قال تعالى يصفها :﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ
وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ (سبأ:15)
قال الخطيب:
ولكنهم بإعراضهم عن الله وانحرافهم عن سبيله أدركتهم سنة الله فيمن حاد عن الله،
قال تعالى يبين الحال التي انتقلوا إليها، وسببها :﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ
ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ (سبأ:16)، فهذا
الذي صار إليه أمر تينك الجنتين إليه بعد كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق
وعدولهم عنه إلى الباطل، فبعد الثمار النضيجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة
والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر
القليل.
قال رجل من
الجمع: إن قومنا الآن يتيهون.. ويعتبرون حضارة السبأيين بدائية بالنسبة لما