ونهاها عن النفخ في الشراب، فقال:( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى
الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه)([436])، وقال:( إذا شرب أحدكم فلا
يتنفس في الإناء، فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريده)([437])، وعندما قال له رجل معقبا على
هذا النهي: القذاة أراها في الإناء قال له (ص):(أهرقها)([438])
سكت قليلا، ثم
قال: وإياك يا بني أن تغتر بكثرة ما رزقنا الله من المياه، فتعبث بها.. فإنه لا
يضر النعمة شيء كما يضرها الإسراف.. لقد قال تعالى يحذرنا من الإسراف :﴿ يَا بَنِي
آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31)
***
تركته ينصح
ابنه، وسرت في تلك البلدة الجميلة.. وقد امتلأت إعجابا بذلك الهدوء الذي يعمها مع
أنها كانت ممتلئة بكل معاني الحياة.. وبينما أنا أسير إذا بي أرى جمعا ملتفا حول
رجل يقرأ قوله تعالى :﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى
الْأَرْضِ هو ناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً((الفرقان:63)
ثم رأيت شيخا
وقورا يفسر الآية، وبعد أن فسرها، سأله بعضهم، وقال: ما سر هذا الاقتران الوارد في
الآية بين المشية الهينة وخطاب السلام؟
قال الشيخ: أنتم تعلمون ما ورد في الشريعة من الشرائع الناهية عن كل
تلوث صوتي مزعج.. وهذا من هذا الباب.. فللتلوث الصوتي مصدران: الأصوات والحركات،
فالأصوات