responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 35
عندما دخلتها لم أشم إلا روائح الموت.. كان الموت في الطرقات والأزقة والبيوت كالهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه.

في المطار رأيت عشرة من الرجال.. فيهم الكهل، وفيهم الشاب، وفيهم الشيخ.. كلهم وقفوا في انتظار الحافلة التي سننتقل بها إلى المدينة التي لا يولد فيها إلا الموتى.

كان أهل المطار ينظرون إلينا بشفقة وحزن، وكأنهم يعلمون ما ينتظرنا من دواه.

لم نلبث إلا قليلا حتى جاءت حافلة خربة عضتها السنون بنابها.. وقد كان إطارها مخترقا برصاصات كثيرة تدل على المخاطر الكثيرة التي نريد أن نسير إليها.

ركبنا الحافلة.. ولم نسر إلا أميالا حتى استقبلنا من يسميهم الناس (صناع الموت).. أخذونا وكأننا معهم على ميعاد، ووضعونا في مغارة لا تختلف كثيرا عن القبور.

بعدها عرضونا على محكمة صورية كان الكل فيها ملثما، فلم نميز أحدا منهم، وفيها حكم علينا بالإعدام.. وقد منوا علينا فوهبونا عشرة أيام من الحياة، لنودع فيها الحياة، ونودع فيها ما استودعناه ذاكرتنا من ذكريات.

في المغارة.. جلسنا جميعا، لا ندري ما نفعل.. تفرست في وجوه الجالسين معي، فلم أجد فيها من الحزن ما كنت أتصور أن يوجد، فقلت من دون أن أشعر: أراكم مطمئنين إلى الحكم الذي حكم علينا.. فهل ترونه حكما عادلا؟

قال أحدهم: لقد كنت نفذت في يوم من الأيام هذا الحكم على نفسي.. ولكني لم أنجح.. لقد وقف بعض المسلمين حائلا بيني وبين تحقيقه.. ومن عجائب الأقدار أن المسلمين الذين بسببهم مدت حياتي مدة طويلة هم أنفسهم الذين يريدون أن يضعوا حدا لحياتي.

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست