responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 104
قلت: ذكرت الحق الذي ذهب إليه واطسون.. والوهم الذي تسرب إليه.. فهل ترى أن لداروين بعض الحق فيما ذكره من خلق الإنسان؟

قال: داروين مختلف تماما.. داروين لم يدرس الإنسان كشيء موجود أمامه.. وإنما راح يبحث في الجماجم عن تاريخ الإنسان.. فلم تهده الجماجم إلى شيء([45]).. فراح يتكهن ويرجم بالغيب.. إنه مثل مؤرخ أراد أن يخرج للعالم بتاريخ حضارة من الحضارات، فبحث في آثارها، فلم يجد.. وبحث في المخطوطات، فلم يجد.. فراح يتكهن.. ويطلق لخياله العنان.

قلت: ألا يمكن أن يكون آدم الذي ذكر القرآن أنه أول البشر كان في أصله سلالة من السلالات التي ذكرها داروين؟

قال: لا.. لقد أكد القرآن الكريم أن الله خلق آدم ابتداء([46]).. وفوق ذلك أخبرنا أن الإنسان


[45] ذكرنا الرد العلمي على نظرية التطور في (معجزات علمية) من هذه السلسلة.

[46] للأسف.. فإن بعض المسلمين ممن توهموا أن لنظرية التطور مصداقية علمية راح يحاول التوفيق بينها وبين ما جاء في القرآن.. ومن ذلك الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه (أبي آدم: قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة)، فقد حاول في دراسته التوفيقية هذه أن يميز بين كلمتي (البشر)، و(الإنسان).. حيث افترض أن كلمة (بشر) تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل استصفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها (بشر)، والبشر بذلك هو اسم ذلك المخلوق الذي أبدعه الله من الطين.

فبين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا مطلقا، فـ (البشر) لفظ عام في كل مخلوق ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة، و(الإنسان) لفظ خاص بكل من كان من البشر مكلفا بمعرفة الله وعبادته، فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا.

ومن الردود التي رد بها الباحثون على هذا أن كلمة (بشر) في القرآن الكريم ـ الذي انطلق منه ـ مرادفة لكلمة (إنسان) بشكل لا لبس فيه، ويدل لذلك أن كلمة (بشر) في القرآن الكريم أطلقت على المعاني التالية:

على الرجال: ومن الشواهد على هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى :﴿ قالت رب أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ﴾ (آل عمران: 47)، وهو المعنى الذي نجده في قوله تعالى :﴿ وقلن حاشا لله ما هذا بشرا ﴾ (يوسف:31) وقوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ﴾ (النحل103)، وقوله تعالى :﴿ فتمثل لها بشرا سويا ﴾ (مريم17) وغيرها.

على الإنسان: ومن ذلك قوله تعالى :﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً ﴾ (مريم:26) فقد وردت هذه الكلمة هنا مرادفة للإنسان.

على الأنبياء.. كما قال تعالى :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ﴾ (آل عمران: 79)، وهذا هو المعنى الذي نجده كذلك في قوله تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (الأنعام:91)، وقوله تعالى :﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (ابراهيم:10)، وقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف:110)

أما تفسيره لكلمة (سلالة) في قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون:12)، والتي تصور أن المراد منها (سلسلة آباء خلقوا من طين.. وكأن الآية تدفع عن العقل احتمال إدماج العمليتين (خلق البشر وخلق الإنسان) في عملية واحدة، فالإنسان خلق من (سلالة) نسلت من(طين)، أي: إنه لم يخلق مباشرة من الطين، فأما ابن الطين مباشرة فهو (أول البشر)، وكان ذلك منذ ملايين السنين) (ص90 من كتابه) ويقول: (فخلق الإنسان (بدأ من طين)، أي: في شكل مشروع بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين)، ثم كانت التسوية ونفخ الروح، فكان (الإنسان) هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الأطوار التاريخية السحيقة العتيقة) (ص91 منه)

فقد رد عليه الباحثون بأن السلالة في اللغة(انظر المعجم الوسيط، ومعجم ألفاظ القران) تعني (ما استُل من الشيء وانتُزع.. كما تعني خلاصة الشيء.. ومعنى الآية بهذا هو : ( ولقد خلقنا الإنسان من خلاصة من الطين) (انظر: غزو معاقل الداروينية، ونسف نظرية التطور، تأليف:أبو صلاح)

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست