لتحضره ناداها ثانية وقال: (هاتي لي كسرة
خبز معك)، فأجابته: (حي هو الرب إلهك إنه ليس لدي كعكة، إنما حفنة دقيق في الجرة،
وقليل من الزيت في قارورة. وها أنا أجمع بعض عيدان الحطب لآخذها وأعد لي ولابني
طعاما نأكله ثم نموت)، فقال لها إيليا: (لا تخافي. امضي واصنعي كما قلت، ولكن أعدي
لي منه كعكة صغيرة أولا وأحضريها لي، ثم اعملي لك ولابنك أخيرا، لأن هذا ما يقوله
الرب إله إسرائيل: إن جرة الدقيق لن تفرغ، وقارورة الزيت لن تنقص، إلى اليوم الذي
يرسل فيه الرب مطرا على وجه الأرض)، فراحت إلى منزلها ونفذت كلام إيليا، فتوافر
لها طعام لتأكل هي وابنها وإيليا لمدة طويلة. جرة الدقيق لم تفرغ، وقارورة الزيت
لم تنقص، تماما كما قال الرب على لسان إيليا) (الملوك الأول:17/1-16)
فهل تعتبرون إليا أيضا إلها.. أو
تعتبرونه أقنوما من إله؟
سكت بولس، فقال عبد الحكيم: ليس إيليا
وحده من فعل هذا.. لقد ورد في الكتاب المقدس أن اليشع ـ أيضا ـ فعل هذا.
فتح الكتاب المقدس، وراح يقرأ من (سفر
الملوك الثاني: 4 / 1 - 7): (واستغاثت إحدى نساء بني الأنبياء بأليشع قائلة: (عبدك
زوجي توفي، وأنت تعلم أنه كان يتقي الرب، وقد أقبل مدينه المرابي ليسترق ولدي
(لقاء ديونه)). فسألها أليشع: ماذا يمكن أن أصنع لك؟ أخبريني ماذا عندك في البيت؟)
فقالت: (لا أملك في البيت شيئا سوى قليل من الزيت). فقال لها أليشع: (اذهبي
استعيري أواني فارغة من عند جميع جيرانك وأكثري منها. ثم ادخلي بيتك وأغلقي الباب
على نفسك وعلى بنيك، وصبي زيتا في جميع هذه الأواني، وانقلي ما يمتليء منها إلى
جانب). فمضت من عنده وأغلقت الباب على نفسها وعلى أبنائها، الذين راحوا يحضرون لها
الأواني الفارغة فتصب فيها. وحين امتلأت جميع الأواني قالت لابنها: (هات إناء
آخر). فأجابها: (لم يبق هناك إناء). عندئذ توقف تدفق الزيت. فجاءت إلى رجل الله
وأخبرته. فقال لها: (اذهبي وبيعي الزيت وأوفي دينك، وعيشي أنت وأبناؤك بما يتبقى
من مال).
فأنتم ترون أن أليشع صنع معجزة تكثير
الزيت، بل إن أليشع لم يرفع نظره نحو السماء كما فعل المسيح، ولا بارك ولا شكر
الله كما فعل المسيح، ومع ذلك لم يقل أحد أن في أليشع طبيعة لاهوتية مع أن هذه
الأعجوبة أبلغ مما وقع للمسيح.
هنا نطق أجير بولس، كعادته في إفساد خطط
بولس من غير أن يقصد: نعم.. لقد روي عن هذين النبيين هذه البركات.. ولكن نبيكم
الذي تزعمون كونه نبيا خلت سيرته من أي بركة.. حتى أنه كما تروون كان يعصب الحجر
على بطنه من الجوع، وكانت الأهلة تمر وتمر، ولا يوقد في بيته نار.
نظر عبد القادر إليه بابتسامة، وقال:
لكأني بك تريد أن تستفزني لأحدثك عن بركات النبوة المرتبطة بهذا الجانب.