بما فيها من الزهرة والنضرة، فتناولت
قطفا منها لاتيكم به، ولو أخذته لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه فحيل
بيني وبينه، ثم عرضت علي النار فلما وجدت حر شعاعها، تأخرت، وأكثر من رأيت فيها
النساء اللاتي إن ائتمن أفشين، وإن سئلن أخفين، وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها
لحي بن عمرو يجر قصبه في النار وأشبه من رأيت به معبد بن أكتم)، قال معبد: أي رسول
الله يخشى على من شبهه فانه والد، قال: (لا، أنت مؤمن وهو كافر، وهو أول من جمع
العرب على عبادة الاصنام)([802])
ابتسم عبد القادر، وقال: ذاك سليمان ، وقد عاش في واقع
تطلب أن يكون بتلك المواصفات، ولذلك دعا ربه أن يهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده([803])، فقال تعالى:﴿ قَالَ
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ
أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ (صّ:35)
وقد راعى رسول الله (ص) هذه الدعوة، فقد روي
بأسانيد مختلفة([804])أن رسول الله - (ص) كان يصلي صلاة الصبح، فقرأ
فالتبست عليه القراءة، قال أبو الدرداء: قام رسول الله (ص) فسمعناه يقول: (أعوذ بالله منك)،
ثم قال: (ألعنك بلعنة الله ثلاثا)، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من صلاته،
قلنا يا رسول الله، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك،
ورأيناك بسطت يدك، قال: (إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي)
فلما فرغ من صلاته قال: (لو رأيتموني
وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام
والتي تليها، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية، حتى تصبحوا وتنظروا إليه، فذكرت قول
أخي سليمان:﴿ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ (صّ: 35)،
فرده الله تعالى خائبا، ولو لا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سوراي
المسجد تتلاعب به صبيان المدينة.
قام أجير بولس، وقال: فلم يرو عن محمد
شيء مما يرتبط بطاقات سليمان من