فقد ذكر مقاتل سبب
نزولها، فقال: كان النبي (ص) في الصفة وفي المكان ضيق وذلك يوم الجمعة، وكان رسول الله (ص) يكرم أهل بدر من
المهاجرين والانصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النبي
(ص) على أرجلهم ينتظرون
أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم، وشق ذلك على رسول الله (ص) فقال لمن حوله من غير أهل بدر،
قم يا فلان وأنت يا فلان، فأقام من المجلس بقدر النفر الذي قاموا بين يديه من أهل
بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي (ص) الكراهية في وجوههم، فقال المنافقون
للمسلمين: ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس؟ فوالله ما عدل على هؤلاء قوم
أخذوا مجالسهم وأحبهم القرب من نبيهم أقامهم وأجلس من أبطأ عنهم مقامهم، فأنزل
الله تعالى هذه الآية.
فقد ذكر السدى ومقاتل أنها نزلت في عبد
الله بن نبتل المنافق كان يجالس النبي (ص) ثم يرفع حديثه إلى اليهود، فبينا رسول
الله (ص) في حجرة من حجره، إذ
قال: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعينى شيطان، فدخل عبد الله بن نبتل
وكان أزرق، فقال له رسول الله (ص): علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل ذلك، فقال له النبي (ص): فعلت، فانطلق فجاء
بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفي حديث آخر عن ابن عباس أن رسول الله (ص) كان في ظل حجرة من
حجره وعنده نفر من المسلمين قد كان الظل يقلص عنهم، فقال لهم: إنه سيأتيكم إنسان
ينظر إليكم بعين شيطان، وإذا أتاكم فلا تكلموه، فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول الله (ص) وكلمه، فقال: علام
تشتمني أنت وفلان وفلان؟ نفر دعا بأسمائهم، فانطلق الرجل فدعاهم، فحلفوا بالله
واعتذروا إليه، فأنزل الله تعالى:﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً
فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى
شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ (المجادلة:18)([702])
بالإضافة إلى هذا كله، فقد أنطق الله
لمحمد (ص) الأشياء لتخبره بما
تختزنه من مكايد، ومن ذلك قصة الشاة المسمومة.