صعد علي إلى المنصة،
فاحتار الجمع، وناجى بعضهم بعضا عن سر صعوده، بل حاول بعضهم أن يوقفه، لكنه استمر
في سيره، وصعد المنصة، فأسرع إليه عالم الفلك يحتضنه، ويبكي.
بجرأة لا نظير لها، أخذ
علي مكبر الصوت، وقال: اسمحوا لي أيها الجمع المبارك أن أحدثكم بشيء سبقني
إليه هذا العالم الجليل.
إن القرآن الكريم كلام
الله، وكتاب الحقائق الأزلية، ولذلك لا تخافوا عليه..
أعلم أن إخلاصكم وصدقكم
دفعكم إلى الحرص على كتاب ربكم من أن يدنس ببعض الفهوم البشرية التي تذهب قداسته.
لا تخافوا من ذلك..
فكتاب الله لا يدنسه شيء.. لقد حاولت الإسرائيليات أن تدنسه، فلم تفلح.. وحاولت
الفهوم القاصرة أن تحرفه، فلم تفلح.. ولن يستطيع أحد مهما كان أن يحرف معاني
القرآن أو يغيرها أو يحملها ما لا تحتمل.
لا تخافوا على القرآن من
هذه الناحية.
نهض رجل من الجمع، وقال:
نحن نخاف عليه منك ومن أمثالك الذي يزجون بالقرآن في متاهات لا ندري نهايتها.
احمر وجه علي، وقال:
أتدري ما الذي دفعك ودفع غيرك إلى هذا القول.
أما الأول، فهو قصوركم
في تعلم العلوم المرتبطة بالقرآن.. لقد أمركم الله بالنظر في السموات وفي الأرض
وفي الإبل وفي الطعام وفي مصاير الأمم.. لكنكم غضضتم بصركم عن