قال الأول: ألم يقل سلفنا
الصالح:(إن الله تجلى لعباده في كتابه ليعرفوه)؟
قال الثاني: أجل.. لقد قالوا ذلك..
وصدقوا في ذلك.
قال الأول: ألا تتجلى رحمة الله
بعباده في القرآن الكريم؟
قال الثاني: بلى.. بل تتجلى بأعمق
صورها.. فالله يقول لعباده بكل رحمة ولطف:﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (الزمر:53)
وهو من رحمته بهم يأمرهم
بأن يسألوه، ويعدهم بأن يجيبهم:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي
قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا
بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (البقرة:186)
بل هو يخبر عباده عن
رحمته ليملأوا نفوسهم بها:﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
﴾ (الحجر:49)
ولو ظللت أقرأ عليك
الآيات الدالة على الرحمن الرحيم ما انتهيت.
قال الأول: وهل تتجلى حكمة الله في
القرآن الكريم؟
قال الثاني: أجل.. وبنفس ما تتجلى
به رحمة الله.. فالله الحكيم هو الذي شرع الشرائع التي تمتلئ بالحكمة.. وهو الذي
وضع القوانين التي لا تنطق إلا بالحكمة.
قال الأول: لقد أخبر الله بأنه
عليم.. بل أخبر بأن علمه وسع كل شيء، فقال:﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ
الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ (طـه:98)، وقال على
لسان خليله:﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ