إنهم يقادون إلى الجنة كالملوك.. وهم يوصفون بالأتقياء لتتحرك
في همة كل من يرى هذا المشهد إلى التحقق بالتقوى.
وهو يصف أهل جهنم الذين
يقادون إليها أذلاء بأنهم من الكفار لتمتلئ النفوس خوفا من الكفر الذي يوردها هذا
المورد..
إنه ليس مشهدا فقط.. إنه
مدرسة تربوية كاملة.
ولهذا لما امتلأ أصحاب
محمد بمثل هذه المشاهد امتلأت نفوسهم بحب الجنة.. ولما امتلأت بحب الجنة امتلأت
بما يقربهم إليها.
اسمع الحارث بن مالك
الانصاري، وهو أحد أصحاب محمد، وهو يصف تأثير هذه المشاهد على نفسه، قال: مررت
بالنبي (ص) فقال: كيف أصبحت يا حارث؟ قلت: أصبحت مؤمنا حقا، فقال: انظر ما تقول! فان
لكل شئ حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ قلت: قد عزفت نفسي عن الدنيا، وأسهرت لذلك ليلى
وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون
فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال:( يا حارث! عرفت فالزم ) -
قالها ثلاثا([145]).
ومما يروى من ذلك عن
جبير بن مطعم أنه قال:( سمعت النبي (ص) يقرأ في المغرب بالطور،
فلما بلغ هذه الآية:{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ
الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ
(36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)}(الطور)
كاد قلبي أن يطير ).