وانطلاقا من هذا نجد الأوامر القرآنية الكثيرة بالتثبت وإعمال
العقل قبل الحكم على أي شيء، فهو يقول:{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً}(الاسراء:36)، ويقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً
بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات:6)
وهو يبين أن الغاية من
إنزال القرآن هو عرضه على العقل ليستفيد منه، فهو يقول:{ إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(الزخرف:3)، ويقول:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(يوسف:2)
والقرآن بسبب هذا.. بسبب
خضوعه أحكامه للعقل المجرد.. لم يسر شيئا، ولم يكتم شيئا من الحقائق.. بل نهى أن
يكتم شيء منه، فهو يقول:{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ
الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ
أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}(البقرة:159)
ولهذا لا يوجد في
الإسلام أسرار.. وبناء على هذا لا يوجد في المسلمين (رجل دين) كما نعرفه عندنا..
بل حقائق الإسلام جميعا يتضمنها القرآن الذي يقرؤه الكل.. الصغار والكبار والنساء
والرجال والعامة والخاصة سواء بسواء.
قلت: أراك وقعت في
استطراد طويل عما كنا فيه.
قال: لا.. لم أقع في
استطراد.. بل كان هذا من صلب ما جئت من أجله.
قلت: حسبتك جئتك لأجل
الكتاب المقدس.
قال: نعم.. جئت لأجله..
ولكن الكتاب المقدس الذي يعرض في بلادكم ليس هو الكتاب