بعد أن غمرنا
بأنوار تلك المشاهد المقدسة.. وبعد أن لاحت أنوارها علينا، التفت إلي، وقال: هل
تشعر الآن برحمة الله الرحيم الرحمن؟
قلت: إني أشعر
بها الآن أكثر مما شعرت بها في حياتي جميعا.
قال: لو أني..
وجميع الخلق.. وجميع ذرات الرمال.. وجميع قطر الأمطار.. استحلن ألسنا، ورحن نحاول
أن نعبر عن بحار رحمة الله، فلن نجد لها قرارا، ولن نحد لها حدا..
***
بقيت في صحبته
إلى أن أمر به إلى المقصلة، وقد كنت حاضرا حفلة تتويجه بتاج الشهاده.. وقد كان
منظرا لا يمكن تصوره.. لقد كنا جميعا حزانى متألمين ما عدا الكاظم فقد كان ممتلئا
سعادة وسرورا.. وقد جعلنا في ذلك الموقف نوقن تمام اليقين أنه يملك من المعرفة
بالله ما كنا جميعا نفتقر إليه.
***
التفت إلينا
صاحبنا (جون ماسفيلد)، وقال: هذا حديثي مع ذلك الرجل الفاضل.. لقد عشت في رحاب
كلماته أياما جميلة.. ولكن كلاليب الدنيا سرعان ما جذبتني، فنسيت تلك الأيام..
ونسيت معها تلك المعاني..
لقد بعتها
جميعا بثمن بخس حقير..
لقد كان ثمن
بيعي لها هو قيد ذهبي قيدني به الملوك حين جعلوني شاعرا للبلاط.. فنسيت صاحبي..
ونسيت المعارف العظيمة التي علمني إياها.. ورحت أسرع إلى البلاط.. وبدل أن أكتب
القصائد في مدح ربي الرحمن الرحيم رحت أكتبها في مدح من رماني بعد ذلك في الشارع