بعد أن أجابني
الكاظم على كل تساؤلاتي من غير أن يتبرم أو يضجر، سألته قائلا: اسمح لي أن أسألك
سؤالا قد يكون محرجا..
قال: تفضل..
لا حرج عليك.
قلت: لقد
أخبرني مسؤول السجن بأنك ستعدم بعد أيام.
ابتسم، وقال:
يستحيل ذلك.. يستحيل أن يعدمني إلا الذي أوجدني.. ورحمة الرحمن الرحيم تأبى أن
تقضي على من أنعمت عليه بنعمة الوجود بالإعدام.
قلت: لقد ذكر
لي مسؤول السجن هذا.. وذكر لي أنه عندما أبلغك شكرته.. ثم لم تهتم بقوله.
قال: ذلك لأنه
تكلم بشيء مستحيل.
قلت: هل عندك
من العلاقات ما يؤمنك من حكم الإعدام؟
قال: أنا عبد
الله.. من الله علي بنعمة الوجود.. ويستحيل أن يسلبها مني أحد إلا الذي أعطاني
إياها.. وقد ذكرت لك أنه أرحم من أن يسلبها مني.
قلت: ولكنا
نرى كل يوم القتلى.. فهل ترى أن القتلة ليسوا هم القتلة.
قال: فرق كبير
بين القتل والإعدام.. القتل ينقلك من حياة إلى حياة.. أو يخرجك من رحم ضيق إلى
فضاء أوسع وأفسح.. أما الإعدام والإفناء فذلك مستحيل لأن الذي تكرم بالوجود يستحيل
أن يسلبه منا.
قلت: فأنت لا
ترى الموت إعداما إذن.
قال: لأنه ليس
إعداما.. الموت – يا أخي –
هو رحلة أنتقل بها من هذه الأرض المحدودة الضيقة إلى حياة أكرم وأوسع.. فالذي
رحمني في هذه الحياة لا شك أنه سيرحمني في الحياة