وكنت أقول كل
حين: إن كوبرنيكوس([18])
قد خلع الإنسان المغرور عن عرشه في مركز الكون، وأن عليه أن يدرك أنه مخلوق بالغ
الصغر يسكن كوكباً تافهاً يدور حول نجم لا شأن له.
لكني بعد أن
راجعت ما تعلمته من علم متخلصا من رداء الكبرياء الذي كنت أتوشح به رأيت الإنسان
أعظم بكثيرة من تلك الصورة المزرية الحقيرة التي كنت أحملها عنه، ويشاركني في
حملها أولئك الذين انبهروا بالعلم ولم يتثبتوا فيه.
لقد تحدث ويلر
عن جملة الأكوان، ولكنه يشير إلى أن عدداً صغيراً جداً منها كان يمكن أن يصلح
للحياة، وبعد أن استعرض دايسن هذا النمط العريض ينتهي إلى أن ذلك يدل على غاية
مستهدفة، لا على الصدفة، قائلاً: (كلما ازددت دراسة للكون وفحصاً لتفاصيل هندسية
وجدت مزيداً من الأدلة على أن الكون كان يعرف بطريقة ما أننا قادمون). فبعض الظروف
الضرورية للحياة كان قد ركب تركيباً في الانفجار العظيم منذ بداية البداية.
ويؤكد ويلر
أنه (لم يظهر سبب واحد يفسر لماذا يكون لبعض الثوابت والظروف الأولية ما لها من
القيم سوى أنه لولا ذلك لما تيسرت المراقبة كلما نعرفها)
وهو تبعاً
لذلك، يتساءل قائلا: (أليس من الأرجح أن نقول إنه ما من كون يمكن أن يبرز إلى حيز
الوجود ما لم يكن مضموناً له أن ينتج لحياة والوعي والشهود في مكان ما ولمدة قصيرة
من الزمن في تاريخه المقبل؟)
ويؤكد ويلر أن
(ميكانيكا الكم قادتنا إلى أن نأخذ بجدية ونفحص وجهة النظر المعاكسة
[18] كوبرنيكوس، نيكولاس (1473 - 1543م) عالم فلك بولندي، طور نظرية
دوران الأرض، ويعتبر مؤسس علم الفلك الحديث.. ونحب أن ننبه هنا إلى أن ديفيد كينج
اكتشف عام 1970م أن كثيرًا من النظريات المنسوبة لنيكولاس كوبرنيكوس هي للفلكي
العربي ابن الشاطر (ت 777هـ، 1375م)، وبعد ذلك بثلاث سنوات (1973م) عثر على
مخطوطات عربية في بولندا اتضح منها أن كوبرنيكوس قد اطلع عليها. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية)