قال رجل منا:
تدخل أشعة الشمس المنعكسة من الشجرة في بؤبؤ العين، وتمر من خلال العدسة التي تركز
صورة مقلوبة ومصغرة للشجرة على شبكة العين، فتحدث فيها تغيرات فيزيائية وكيميائية.
قال آرثر: فهل
ترون هذا هو الإبصار؟
قال الرجل:
هذا ما نعرفه عن الإبصار.
قال آرثر: لا..
ليس هذا هو الإبصار.. فلو سلطنا هذه الصورة على عين فاقد الوعي، فإنها ستحدث نفس
التغيرات الفيزيائية والكيمائية، ومع ذلك لايبصر شيئا.. وبالمثل، تركز آلة التصوير
على صورة ما، فيتعرض الفيلم الموجود في الآلة لتغيرات فيزيائية وكيميائية، ولكن
آلة التصوير لاتبصر بالمعنى الحرفي في الألوان والأشكال التي تسجلها.
قال الرجل:
فكيف تفسر الإبصار؟
قال آرثر: إذا
أردنا أن نفسر الإبصار فنحن بحاجة إلى أكثر من ذلك.. فالشبكية - وهي صفحة من
المستقبلات شديدة التراص - تبدأ حين ينشطها الضوء المنبعث من الشجرة بإرسال نبضات
الى العصب البصري الذي ينقلها بدوره إلى قشرة الدماغ البصرية..
قاطعه الرجل،
وقال: إن ما تذكره أيضا يفسر بلغة الفيزياء والكيمياء..
قال آرثر: أجل..
ولكن أين مكان اللون الأخضر من كل هذا؟ فالدماغ نفسه رمادي اللون أبيضه.. فكيف
يستطيع أن يتلقى لونا جديداً دون أن يفقد لونه السابق؟.. وكيف يستطيع الدماغ أن
يبصر الضوء إذا كان مغلقاً ومعزولاً تماما عن أي ضوء؟
إن الأمر يكون
معقولا لو أننا حين نوجه أبصرنا نحو الشجرة، لم نحس إلا بأزيز الكهرباء