وأخبرني أنه تعرّف
بعد ذلك على كاتب من أهل بلده يسمى (سان سيمون)، وأن هذا الكاتب كان من رواد
المذهب الاشتراكي في ذلك الحين..
وأخبرني أنهما
اتفقا على الاشتغال معاً بالعلم والسياسة، أما (سان سيمون) فقد كان شغوفاً
بالسياسة وذا بصر نافذ فيها، وأما (أوجست كونت) فقد كان شغوفاً بالعلم، وغير مهتم
بالأمور السياسية.
وأخبرني أنه
افترق بعد ذلك عن أستاذه، لأنه كان يختلف معه في الاتجاه.. وانصرف بعدها للمطالعة
والبحث طلبا لأن يصير مثل سميه الفيلسوف الفرنسي..
لكن المسكين
ما إن ألقى ثلاث محاضرات إلحادية حتى انتابته أزمة عقلية، فعُنِيَتْ بِهِ زَوجته،
حتى عاد إليه اتزانه العقلي، فاستأنف محاضراته بعدها.
ولم يطل به
الوقت حتى تعرض لأزمة عقلية أخرى، كان من أسبابها هيامه بسيدة تعرَّف عليها، ثم
توفاها الأجل بعد سنتين فقط من تعرفه عليها، فأخذ منها دينا سماه (الإنسانية)،
وكان يتوجه لها كل حين بالفكر والصلاة كل يوم.
في يوم آخر..
انتحر رجل آخر عرفت بعد انتحاره أن اسمه (فان جوخ)([6]).. وأنه من
هولندا.. وكان كسميه الرسام المشهور مستغرقا طول الوقت في لوحاته.. وتنتابه بين
الحين والحين نوبات صرع كان يصيح فيها صياحا لا يزيدنا إلا أسى ومرارة..
[6] أشير به إلى (فان جوخ، فينسنت) (1853 - 1890م).. وهو واحد من أكثر
الرسامين شهرة في فن التصوير التشكيلي.. وقد انتحرعام 1890م.