قال: في شارع
من شوارع تلك المدينة وجدت رجلين يلتف حولهما جمع كبير([72])..
أما أحدهما،
فكان شيخا يبدو على ملامحه الصلاح.. وكان الناس يطلقون عليه (الراوندي)([73]) وقد عرفت أن
سببه هو كونه من بلاد يقال لها راوند.
وأما الثاني،
فشاب تبدو عليه بعض خفة العقل.. ممزوجة بغرور كثير زاد فيه اطلاعه الواسع وعلمه
الكثير.. فهو كما يقال (علم بلا عقل)..، وكان يطلق عليه (ابن الرواندي)([74]).. وقد عرفت
أن كلا الرجلين من بلد واحد.. لكنهما مع ذلك مختلفان اختلافا شديدا يستحيل معه أي
[72] ننبه إلى أن المناظرة ليست حقيقية كما هو ظاهر.
[73] أشير به إلى الإمام المتكلم ظهير الدين، محمّد بن الإمام قطب
الدين سعيد بن هبة الله، الراونديّ، من أعلام الشيعة في القرن السابع الهجري، وهو
صاحب كتاب (عجالة المعرفة في أصول الدين)
[74] أشير به إلى (ابن الرواندي)، وهو أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق
الراوندي، نسبة إلى قرية راوند الواقعة بين أصفهان وكاشان في فارس، ولد عام 210 هـ
، وتوفي في الأربعين من عمره مخلِّفاً وراءَه أكثرَ من مئةِ كتابٍ طافحةٍ
بالافتراءاتِ التي تُبَيِّنُ خُروجَه عن الإسلام، وقد كانَ يهودياً، ثمَّ دخلَ
الإسلامَ وتنقَّلَ بينَ عدَّةِ مذاهبَ حتى ماتَ كافراً ملحداً.
سردَ
ابنُ الجوزي سيرته في عدَّةِ صفحات؛ وقال الذهبيُّ في ختامِ ترجَمته: (لعنَ اللهُ
الذكاءَ بلا إيمانٍ ورضيَ عن البلادةِ معَ التقوى)؛ ونُقلَ عن أبي عليٍّ الجبائي
المعتزلي قولَه: (قرأتُ كتابَ هذا الملحدِ الجاهلِ السفيهِ ابن الراوندي فلم أجدْ
فيه إلاَّ السفهَ، والكذبَ، والافتراء)