ترجح أياً من هذين الاحتمالين على
الآخر؟ يجب أن ينسجم موقفنا الشخصي من قضية وجود الله انسجاماً تاماً مع جوابنا
على هذا السؤال، لا مع حساب الخسائر والأرباح)
ابتسم حبنكة، وقال: ما ذكره
جيمس ليس دليلا([71])..
فلا ينبغي للدليل إلا أن يعتمد على العقل المجرد.. بالإضافة إلى أنه لا يعتبر
الإيمان إلا من العقل الجازم الموقن لا من العقل التاجر المجرب.
ولكن مع ذلك، فإن هذا مما اعتاد
العلماء في المناظرات طرحه.. وهم يطرحونه، لا باعتباره دليلا.. وإنما باعتباره
مؤثرا في الملحد حتى يعيد نظره ويدققه.. فالمسألة ليست مسألة نظرية مجردة.. إنها
مسألة يرتبط بها مصير الإنسان جميعا.
لقد اعتاد المناظرون الدالون
على الله أن يذكروا ما ذكره جيمس عند آخر مرحلة من مراحل النقاش الذي يرفض فيه
الملحد أدلة الإيمان الكثيرة، ويعلن تشككه بها.. أو يطرحونه في أول مرحلة من مراحل
النقاش، لتوجيه النفس إلى منطقة الإيمان منذ الانطلاقة الفكرية الأولى، ثم تطرح من
بعده الأدلة والبينات الأخرى، فهو إما دافع إلى النقلة الأولى التي تتجاوز منطقة
الشك المطلق، وإما ممسك بالنفس في منطقة الإيمان قبل أن تنزلق إلى منطقة الشك
المطلق.
لقد علمنا القرآن هذا.. فقد ذكر
أن مؤمن آل فرعون، قال لقومه الذين هموا بقتل موسى :
أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ
يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (غافر: من
الآية28)
[71] نحب أن ننبه هنا إلى الخطورة التي تحملها هذه الفكرة التي عرضها
وليم جيمس، والتي صار البعض يتشبث بها للإيمان بأي شيء، بحجة أن الإرادة تغلب العقل..
وهو لذلك لا يبحث عن الدين الصحيح الذي ينبغي أن يسلم زمامه له.